█ _ عباس محمود العقاد 1941 حصريا كتاب ❞ عبقرية محمد صلي الله عليه وسلم ❝ عن دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع 2024 وسلم: وسلم نبذة المؤلف : إنه لنافع لمن يقدرون محمداً وليس بنافع لمحمد أن يقدروه؛ لأنه فى عظمته الخالدة لا يضار بإنكار ولا ينال منه بغى الجهلاء إلا كما نال الكفار وإنه للمسلم يقدر بالشواهد والبينات التى يراها غير المسلم فلا يسعه يقدرها ويجرى مجراه فيها لأن مسلماً هذا النحو يحب مرتين: مرة بحكم دينه الذى يشاركه فيه غيره ومرة الشمائل الإنسانية يشترك جميع الناس وحسبنا من "عبقرية محمد" نقيم البرهان عظيم كل ميزان: ميزان الدين وعظيم العلم الشعور عند يختلفون العقائد يسعهم يختلفوا الطبائع الآدمية يرين العنت فتنحرف السواء وهى خاسرة بانحرافها خسارة إن عمل لكاف جد الكفاية لتخويله المكان الأسنى التعظيم والإعجاب والثناء إنه نقل قومه الإيمان بالأصنام إلى بالله ولم تكن أصناماً كأصناه يويان يحسب للمعجب بها ذوق الجمال فاته له هدى الضمير ولكنها أصنام شائهات كتعاويذ السحر تفسد الأذواق وتفسد العقول فنقلهم عبادة هذه الدمامة الحق الأعلى خالق الكون سواه ونقل العالم كله ركود حركة ومن فوضى نظام مهانة حيوانية كرامة إنسانية ينقله النقلة قبله بعده أحد أصحاب الدعوات إن عمله بين صفوف الأخيار الخالدين فما يضن صاحب العمل بالتوقير ثم يجود اسم إنسان أننا نمضى خطوة وراء حين نقول حق "لعبقرية ولو لم تقترن بعمل العبقرية قيمة النفس قبل تبرزها الأعمال ويكتب لها التوفيق وحدها يغالى التقويم فإذا رجح بمحمد وميزان العقيدة؛ فهو نبى وبطل وإنسان كتابنا يكون بناناً تومىء تلك العظمة آفاقها فإن البنان لأقدر الإشارة الباع الإحاطة وأفضل عجز المحيط طاقة المشير الكتاب يتكلم الحبيب صلى عدَة جوانب عبر سرد قصص والتعليق عليها ومقارنة قراراته بشخيات تاريخية كنابليون وهتلتر ناحية السياسة والحرب الناشطين لحقوق المرأة تعامله مع زوجاته وهكذا الجوانب الرئيسية هي: ١) الدعوة ٢) السياسية ٣) العسكرية ٤) الإدارية ٥) البلاغة والفصاحة ٦) الزوج ٧) الأب ٨) السيّد ٩) العابد ١٠) التاريخ من أهم أسباب كتابة دفاع التُهم الموجهة للرسول وسلّم مجالات كثيرة كتعدد الزوجات والدعوة بالسيف إلخ مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل
❞ طبيعة العبادة ، وطبيعة التفكير ، وطبيعة التعبير الجميل ، وطبيعة العمل والحركة ..
هذه طبائع أربع تتفرق في الناس وقلما تجتمع في إنسان واحد على قوة واحدة . فإذا اجتمعت معا فواحدة منهن تغلب سائرهن لا محالة ، وتلحق الأخريات بها في القوة والدرجة على شئ من التفاوت .
محمد بن عبد الله كانت فيه هذه الطبائع جميعاً على نحوٍ ظاهر في كل طبيعة : كان عابداً مفكراً وقائلاً بليغاً وعاملاً يغير الدنيا بعمله . ولكنه عليه السلام كان عابداً قبل كل شئ ، ومن أجل العبادة قبل كل شئ كان تفكيره وقوله وعمله ، وكل سجية فيه . ❝
❞ طمأنينة الباطن التي تنشأ من الركون إلى قوة في الغيب، تبسط العدل، وتحمي الضعف، وتجزي الظلم، وتختار الأصلح الأكمل من جميع الأمور… وطمأنينة الظاهر التي تنشأ من الركون إلى دولة تقضي بالشريعة، وتفصل بين البغاة والأبرياء، وتحرس الطريق، وتُخيف العائثين بالفساد . ❝
❞ وهو الفتى الذي تحدثت الفتيات في الخدور بوسامته وحيائه وودت مئات منهن لو نعمن منه بنعمة الزواج وهو الفتى الذي اقام مع عروسه ثلاثة أيام , ثم سافر ليتجر فإذا السفرة التي لا يؤوب منها الذاهبون .
وهو الفتى الذي مات وهو غريب , وولد له نسله الكريم وهو دفين . وهكذا تتمثل البصائر الخاشعة آباء الانبياء والسلالة التي تصل بين الآخرة والدنيا وبين عالم البقاء وعالم الفناء . ❝
❞ كان مُحمّد -عليه الصلاة والسلام- إذا حزبه أمر صلّى , كذلك إذا حزب الأمر نفساً , رجعت لمن تُحب , فخفّ وقرها ,وانفرج كربها ,وأنست بعد وحشة , واهتدت بعد حيرة . ❝
❞ رُبَّ رجلٌ وسيمٌ غير محبوب ، ورُبَّ رجل وسيم محبوب غير مهيب ، ورُبََّ رجل وسيم يحبه الناس ويهابونه وهو لا يحب الناس ولا يعطف عليهم ولا يبادلهم الوفاء ، أما محمد عليه السلام فقد استوفى شمائل الوسامة والمحبة والعطف على الناس . فكان على ما يختاره واصفوه ومحبوه ، وكان نعم المسمى بالمختار . ❝
❞ العقائد إنما تُقاس بالشدائد ولا تُقاس بالفوز والغلب , كل إنسان يؤمن حين يتغلب الدين وتفوز الدعوة , أما النفس التي تعتقد حقاً ويتجلى فيها انتصار العقيدة حقاً فهي النفس التي تؤمن في الشدة وتعتقد ومن حولها صنوف البلاء . ❝
❞ لقد كان عليٌ فتى يستقبل الدنيا ، وكان أبو بكر كهلاً يدبر عنها يوم أعانا محمد في غار ثور .. ولكنهما كانا معاً على أبواب غد واحد ورجاء واحد يستوي فيه الفتى والكهل والشيخ الدالف إلى قبره ، لأنه رجاء الإيمان لا رجاء العيان . ❝
❞ تلك فاطمة بقية الباقيات من الأبناء والبنات, يختصها النبي بمناجاته في غشية وفاته: إني مفارق الدنيا فتبكي , إنك لاحقة بي فتضحك ..
في هذا الضحك وفي ذلك البكاء على برزخ الفراق بين الدنيا والآخرة أخلص الود والحنان بين الآباء والأبناء .. سرها بنبوته , وسرها بأبوته , فضحكت ساعة الفراق لأنها ساعة الوعد باللقاء . ❝
❞ وشاع أن النبي عليه السلام قضى بقتله فتقدم ابنه، وقال له: «يا رسول الله، إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلًا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه. فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبر بوالده مني، وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله؛ فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل رجلًا مؤمنًا بكافر فأدخل النار . ❝
❞ محمد في نفسه عظيمٌ بالغ العظمة ، وفاقاً لكل مقياس صحيح يقاس به العظيم عند بني الإنسان في عصور الحضارة .
فما مكن هذه العظمة في التاريخ ؟ ما مكانها في العالم وأحداثه الباقية على تعاقب العصور ؟
مكانها في التاريخ أن التاريخ كله بعد محمد متصلٌ به مرهونٌ بعمله ، وأن حادثاً واحداً من أحداثه الباقية لم ليكن ليقع في الدنيا لولا ظهور محمد وظهور عمله . ❝
❞ ولكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم، والقلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة، والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر. إنما الفضل في الحزن والغلبة عليه، وفي الخوف والسمو عليه، وفي معرفة المال والإيثار عليه . ❝
❞ ظنوا أن النبي لا يحزن ، كما ظن قومٌ أن الشجاع لا يخاف ولا يحب الحياة ، وأن الكريم لا يعرف قيمة المال .
ولكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم ، والقلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة ، والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر .
إنما الفضل في الحزن والغلبة عليه ، وفي الخوف والسمو عليه ، وفي معرفة المال والإيثار عليه . ❝
❞ كان النبي يكره أن تُقبَل يداه مخافة أن تجري العادة بهذا بين الناس فتحمل بينهم على محمل الذلّة و الخضوع .
قال أبو هريرة رضي الله عنه : ˝ دخلت للسوق مع النبيّ صلى الله عليه و سلّم فاشترى سراويل ، و قال للوزّان : زن و أرجح ، فوثب الوزان إلى يد رسول الله صلّى الله عليه و سلم يقبّلها ، فجذب يده و قال : هذا تفعله الأعاجم بملوكها ، و لستُ بملك ، و إنّما أنا رجل منكم ثم أخذ السراويل فذهبت لأحملها فقال : صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله . ❝
❞ وإن محمداً باعث الإيمان إلى القلوب ، لقد كان يجدد إيمانه كما يجدد عجبه كل يوم ... حركة متجددة في الحس وفي الفكر وفي الضمير .
فلا انقطاع عن الحس للعبادة كل الانقطاع ، ولا انقطاع عن الحس للتفكير كل الانقطاع .. وإنما هو تفكير من ينتظره العمل ، وليس بتفكير من ترك العمل ليوغل في الفروض ومذاهب الاحتمال والتشكيك : ثلث أيامه لربه وثلثها لأهله ، وثلثها لنفسه . وما كان في فراغه لنفسه ولا لأهله شئُ يخرجه عن معنى عبادة الله والاتصال به ، على نحو من التعميم . ❝