█ _ مصطفى محمود 0 حصريا كتاب ❞ القرآن كائن حي ❝ عن دار أخبار اليوم 2024 حي: هو من تأليف الدكتور تحدث فيه اللغة القرآنية التي تختلف لغتنا نكتب بها أو نتكلم أنها محكمة لا خطأ فيها ولا نقص زيادة وقد كثر الكلام الآيات الكونية تحدثت النجوم ومساراتها والأرض وخلقها والحياة وبدايتها وكيف جاءت العلوم الحديثة بالجديد المبهر الحقائق خلال مئات السنين أعقبت التنزيل القرآني فلم تخرق حرفاً قرآنياً واحداً ولم تنقض أية بل ترافقت جميعها مع كلام وزادته توكيداَ كما جاء نظم الحكم وفي الاقتصاد الأخلاق حقوق الإنسان الأسرة الزواج والمرأة والشرائع بالكلمة النهائية الجامعة كما انفرد بذروة البلاغة وقمة البيان وجمال الأسلوب لم يطاوله أفاض القدماء هذا وأعزنا ويقول بأنه يظل هناك وجه معجز وجوه ربما كان أهم كل هذه الوجوه يحتاج إلى دفعة طويلة وهو ما أسماه بالمسمار البنية الهندسية التركيب العضوي الترابط الحي بين الكلمة والكلمة ومن كتابه يسترسل الكاتب بيان توصل إليه لغة سهلة وأسلوب أدبي يمتاز بالدقة والرقة والشفافية والعلمية لذا يمكن القول بأن "القرآن حي" رائع يبحث كنز كنوز االقرآن فصول الكتاب: يتألف الكتاب 12 فصل وهم: القرآن حي النفس والروح لماذا خلقنا الله الصوفي والبحر من أنت أسلوب خطبة الجمعة إسرائيل تحرف الأناجيل العلوم الذرية والإسلام الإسلام والطب في مسألة المحير والمسير المكر الالهى عن الظاهر والباطن فكر وثقافة مجاناً PDF اونلاين الثقافة تعني صقل النفس والمنطق والفطانة حيث أن المثقف يقوم نفسه بتعلم أمور جديدة حال القلم عندما يتم بريه هذا القسم يشمل العديدة الكتب المتميزة الفكر والثقافة تتعدّد المعاني ترمي إليها العربية فهي ترجِع أصلها الفعل الثلاثي ثقُفَ الذي يعني الذكاء والفطنة وسرعة التعلم والحذق والتهذيب وتسوية الشيء وإقامة اعوجاجه والعلم والفنون والتعليم والمعارف
❞ ˝الحيوانات تستطيع أن تباشر عملية التوليد بالغريزة ، و هى تعرف كيف تقطع الحبل السرى ، و أين و متى تقطعه عن الجنين .
و الدجاجة تستطيع أن تميز البيضة الفاسدة بين البيضات التى ترقد عليها فتنبذها و تلقى بها بعيدا ، و تستطيع أن تميز البيضة الغير ملقحة من البيضة الملقحة ..
و هى تقوم بإلهام غزيرى بتقليب البيض الذى ترقد كل عدد معلوم من الساعات .. و لولا هذا التقليب لماتت الأجنة بسبب التصاقها بالقشرة .
و الفرخ الوليد يعرف أين أضعف مكان فى البيضة لينقره بمنقاره و يخرج .
و النحل يعرف كيف يبنى بيوته السداسية بدون مسطرة و بدون برجل .. و النحلات الشغالة العائدة من الحقل تقوم بعمل خريطة طبوغرافية دقيقة بمكان الزهور ، و ذلك عن طريق الرقص و عمل إشارات بحركات بطنها تدل باقى الشغالة على جغرافية المكان بدقة لا تخيب .
و أعجب من ذلك كله هو من ذلك الطب الغريزى الذى يمارسه حيوان ˝ الوارا ˝ حينما يلدغة ثعبان ، فإنه يلجأ إلى نوع من العشب الصحراوى يسميه البدو ˝ الرامرام ˝ و يحك فيه جرحه . و قد لوحظ أن هذا الحيوان لا يدخل فى معركة مع الثعبان إلاإذا كان على مقربة من هذا العشب ، فإذا لم يجد هذا العشب فإنه لا يدخل فى مواجهة مع الثعبان و يبادر بالهرب ..
و قد أثبتت التجارب أن هذا العشب يشفى بالفعل من لدغة الثعبان ، و الاسم العلمى لهذا العشب هو Htliotropium ramosismum و مفعوله العلاجى راجع إلى تأثيره على الجهاز المناعى فى الكبد .
و هذه حقائق علمية لم تعرف إلا أخيرا .. فكيف أدرك حيوان ˝ الوارا ˝ هذه الحقائق ، و من أين علم بها ..
ذلك هو الإلهام المباشر و الطب الإلهى بلا شك .
و هو مما وحى به الله للحيوان .. مصداقا للآية :
˝ و أوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا و من الشجر و مما يعرشون ˝
. ❝
❞ و الحكمة الإلهية هنا هو أن يضعك في موقف بعد موقف، و مشكلة بعد مشكلة.. و كل مشكلة تتطلب حلا.. و كل حل يتطلب اختيارا.. و كل اختيار يكشف عن حقيقتك رغما عنك مهما حاولت الاستخفاء
و بقدر ما تمتد حياتك يوما بعد يوم.. بقدر ما تتمزق عن وجهك الأقنعة.. و يظهر و يفتضح أمرك و ينتهك سرك.
و الله يعلم حقيقتك و سرك من البداية.. و لكنك أنت لا تعلم و لا تريد أن تعلم.. لأنك مدع.. و كل منا مدع..
كل منا يتصور أنه رجل طيب و أنه مستحق لكل خير، حتى الجبارون الذين شنقوا و سجنوا، و عذبوا شعوبهم تصوروا أنهم مصلحون
كل منا جاء إلى الحياة و معه دعوى عريضة مزعومة بأنه رجل صالح و طيب.
و لهذا اقتضى عدل الله أن يطلعنا على حقائقنا، حتى لا تقوم أعذار حينما يبدأ تصنيف الناس في الآخرة حسب درجاتهم.. و حتى يكون التصنيف على حسب الحقائق، و ليس على حسب المزاعم و الدعاوى . ❝
❞ ويقول الدكتور مصطفى محمود بأنه يظل هناك وجه معجز من وجوه القرآن ربما كان أهم من كل هذه الوجوه، يحتاج إلى دفعة طويلة، وهو ما أسماه بالمسمار أو البنية الهندسية أو التركيب العضوي أو الترابط الحي بين الكلمة والكلمة . ❝
❞ في كل لحظة منذ ميلاد الإنسان حتى موته..
منذ يقظته في أول ساعات الصباح حتى دخوله في الفراش لينام..
و هو يتعرض لامتحان تلو امتحان ...
كل لحظة تطرح على الإنسان موقفا و تتطلب منه اختيارا بين بديلات و هو في كل اختيار يكشف عن نوعية نفسه و عن مرتبته و منزلته دون أن يدري ...
شهوته تناديه ليشبعها قد تكون شهوة إلى طعام، أو شهوة إلى إمرأة، أو شهوة إلى سلطة، أو شهوة إلى جاه ...
و إشباع أي شهوة يستدعي تأجيل الأخرى، و تكشف النفس عن منزلتها بما تفضله، و بما تعجل إليه من شهوات من أدنى السلم حيث الإنسان هو الحيوان الذي لا يشغله سوى شهوة بطنه أو عضوه التناسلي، إلى الطاغية الجبار الذي لا شاغل له سوى شهوة التسلط على الآخرين و سحقهم و استغلالهم ..
يكشف لك اختيارك عن نوعك و منزلتك و رتبتك ... و يقول لك سلوكك ..
من أنت .. بين هؤلاء الشهوانيين.. و أي نوع من الحيوان أنت ..
فإذا رفضت هذه الشهوات جميعها و استجبت لنداء المنطق و الاعتدال ..
فأنت من أهل النظر و العقل و أنت إنسان و لست حيوان .
. ❝
❞ فإن ارتقيت أكثر فإن الاستشعار الروحي يتضح أكثر وغواشي الحس تنحسر عنك أكثر وأكثر، ويخالجك اليقين بأنك لست وحدك.. وبأنك لم تكن أبدًا وحدك.. وإنما كان الله دائمًا معك.
. ❝
❞ حتى الحرف لا يأتي في القرآن إلا لضرورة ، ولا يمكنك أن ترفع حرفاً من مكانه أو تستبدله بحرف آخر ..
نرى القرآن يقول:
[ أَلْهَاكُمُ التَّكاثُرْ ( 1 ) ،حَتىَّ زُرْتُمُ الَمقاَبِر ( 2 ) ]
من سورة التكاثر
فلماذا .. زرتم .. لماذا لم يقل سكنتم المقابر ، أو دخلتم المقابر ، أو حللتم في المقابر أو ملأتم المقابر ؟
ولماذا قال " زرتم "
ليلفت النظر إلى أن المقام في القبر مقام مؤقت وأن الدخول إلى القبر دخول زيارة لا دخول سكني .
وتدل على ذلك آية ثانية عن الموت:[ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ ]
من سورة آل عمران - من آية ١٥٤
فيصف رقدة الموت بأنها مجرد ضجعة وأن القبر مجرد مضجع ، والضجعة بعدها انتباه وقيام ، وتلك دقة بالغة في التعبير تجعل كل كلمة مقصودة لضرورة ولا يمكن استبدالها .
. ❝
❞ الحيوانات تستطيع أن تباشر عملية التوليد بالغريزة ، وهي تعرف كيف تقطع الحبل السري ، وأين ومتى تقطعه عن الجنين .
والدجاجة تستطيع أن تميز البيضة الفاسدة بين البيضات التي ترقد عليها فتنبذها وتلقي بها بعيداً ، وتستطيع أن تميز البيضة الغير ملقحة من البيضة الملقحة .. وهي تقوم بإلهام غريزي بتقليب البيض الذي ترقد عليه كل عدد معلوم من الساعات .. و لولا هذا التقليب لماتت الأجنة بسبب التصاقها بالقشرة .
و الفرخ الوليد يعرف أين أضعف مكان في البيضة لينقره بمنقاره ويخرج .
والنحل يعرف كيف يبني بيوته السداسية بدون مسطرة وبدون برجل .. والنحلات الشغالة العائدة من الحقل تقوم بعمل خريطة طبوغرافية دقيقة بمكان الزهور ، وذلك عن طريق الرقص وعمل إشارات بحركات بطنها تدل باقي الشغالة على جغرافية المكان بدقة لا تخيب .
وأعجب من ذلك كله هو ذلك الطب الغريزي الذي يمارسه حيوان " الوارا " حينما يلدغة ثعبان ، فإنه يلجأ إلى نوع من العشب الصحراوي يسميه البدو " الرامرام " ويحُك فيه جرحه . وقد لوحظ أن هذا الحيوان لا يدخل في معركة مع الثعبان إلا إذا كان على مقربة من هذا العشب ، فإذا لم يجد هذا العشب فإنه لا يدخل في مواجهة مع الثعبان ويبادر بالهرب ..
و قد أثبتت التجارب أن هذا العشب يشفي بالفعل من لدغة الثعبان ، والإسم العلمي لهذا العشب هو Htliotropium ramosismum ومفعوله العلاجي راجع إلى تأثيره على الجهاز المناعي في الكبد .
وهذه حقائق علمية لم تُعرف إلا أخيراً .. فكيف أدرك حيوان " الوارا " هذه الحقائق ، ومن أين علم بها ..؟!
ذلك هو الإلهام المباشر والطب الإلهي بلا شك .
وهو مما أوحى به الله للحيوان .. مصداقاً للآية :
" وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجرِ ومما يعرِشون "
وهذا مما حدا بالمسلمين الأوائل إلى الإهتمام بالأعشاب .
وخرج من العرب عشابون عظام أمثال داود الأنطاكى وابن البيطار وكوهين العطّار وعمّار الموصلي .
وقد جاء الوقت الذي نعمل فيه على إحياء تراثنا الطبي العربي .. لقد قَدَمت الصين من تراثها الطبي الشعبي أسطورة الإبر الذهبية ونحن نستطيع إذا عكفنا على تراثنا الطبي الإسلامي أن نقدم الكثير .
لقد ظلت أوروبا حتى أوائل القرن التاسع عشر لا تعرف إلا الأقرباذين العربي ، ولا تعتمد في طبها إلا على مخطوطات ابن سينا والرازي والزهراوي وابن النفيس .
ومازالت أوروبا تسمي بعض المركبات الكيماوية بأسمائها العربية ..
فالطرطير هو ال TARTAR ، والبورق هو BORIC ، والكحول هو ALCOHOL ، والشراب هو SIRUP.
وكانت الحضارة الإسلامية هي الجامعة التي أخذت عنها أوروبا علومها الطبية في عصورها الوسطى المظلمة .
وقد حاول بعض المستشرقين أن يطمس هذا التاريخ ، فقال إن العرب كانوا مجرد ناقلين ومترجمين عن جالينوس وأبو قراط ، وأن الطب العربي طب منقول عن اليونان والهند والفرس ومصر ، وليس فيه جهد إبداعي .. وهو افتراء تُكذبه مخطوطات الرازي وما جاء فيها من تصويبات كثيرة لأبوقراط وجالينوس .
فنرى الرازي يُخَطِىء أبو قراط في قوله بأن ماء الإستسقاء ascitis يصل إلى الرئة ويسبب السعال ، ويصف هذا الرأي بأنه سَمِج .. كما يخطئه في أن هُزال الجسم يزيد من رواسب البول .. ويقول هذا رأي خطأ لا يجوز .
كما نرى ابن النفيس يخطىء جالينوس في زعمه بأن هناك ثقباً بين البُطين الأيمن والبُطين الأيسر في القلب وأنهما متصلان ، ويقول إنه لا اتصال بين البطين الأيمن والأيسر ، وإن دم البطين الأيمن والأيسر لا يمتزجان إلا في الحالات المرضية .
كما نرى البغدادي يصحح ما زعمه جالينوس من أن الفك الأسفل عظمتان .. ويقول هما عظمة واحدة .
ومعلوم أن ابن النفيس كان أول من اكتشف الدورة الدموية الرئوية الصغرى .
وقد اكتشفها الراهب الإسباني سرفيتوس بعده بثلاثمائة سنة ، ونشر وصفاً لها في مجلته الدينية .. فلما بلغت هذه المجلة جون كالفين في سويسرا استدعاه إلى جنيف وحاكمه واتهمه بالزندقه وحكم عليه بالحرق .
هذا كان تاريخهم مع علمائهم ، وهذا كان تاريخنا .
بل إن أوروبا لم تنهض من كبوتها إلا حينما أخذت بالنظرة الإسلامية إلى العلم .
إن تصحيح هذه الأوهام أمر ضروري .
.. فأسوأ ما تصاب به أمة أن تكون بلا ذاكرة .
وما أكثر ما استحدث هؤلاء الرواد القدماء في صناعة الطب .
كان الزهراوي أول من عالج حصوة المثانة بالتفتيت ..
وكانت له محاولات متطورة في علاج البواسير والناصور والأورام السرطانية والفَتق .
وكان الرازي أول من تكلم عن التشخيص المقارَن differential diagnosis حينما تختلط الأمراض وتتشابه علامتها ..
وقد وصف الجهاز الهضمي بدقة كما وصف تشريح المعدة وطبقات العضلات المختلفة فيها .. تماماً كما نصفها اليوم .. وفرَّق بين النزيف المتسبَب من القرحة والنزيف المتسبَب من بواسير المريء ووصف أقراص الطباشير للحموضة ، وهو علاج نستعمله الآن .. وقدم وصفاً دقيقاً لمرضى الكزاز tetanus وقال عن وجه المريض بهذا الداء .. إنه يبدو كما لو كان يضحك ، وهو ما نسميه الآن risus sardonicus وقال إن مريض الكزاز يموت مختنقاً بسبب تشنج عضلات التنفس وتوقف حركاتها ، وهو كلام علمي دقيق .
وللرازي رأي جيد في علاج الحروق بالماء البارد ، وتلك آخر صيحة الآن في علاج الحروق .. حيث يوضع الذراع أو الساق المحروقة في الماء البارد دقيقتين لتقليل الألم ولتقليل فقدان البلازما .
ويقول ابن سينا في خلع الفقرات .. إن كانت الفقرة الأولى في العنق .. مات صاحبها في الحال .. لأن عصب التنفس ينضغط فلا يفعل فعله ، وإن كانت من الفقرات السفلية لم يمتنع التنفس ولكن يمتنع التبرز والتبول .. وهذا كلام علمي دقيق .
وقد سبق الزهراوي الجراحين بألف عام إلى اكتشاف جراحة دوالي الساق بطريقة سل العروق stripping of veins وهو أسلوب لم يُعرف إلا منذ ثلاثين عاماً .
وقد عرف العرب التخدير باستعمال البرودة الشديدة والأعشاب المرقدة ، كالحشيش والسكران والداتورا والبلادونا .
وعرفوا طب الأسنان وخلعها وحشوها ، وذكر الرازي سبعة أنواع من المعاجين والمساحيق لعلاج الأسنان وهي لا تخرج في تركيبها عن المعاجين الحالية من حيث احتوائها على المواد العطرية والمواد المطهِرة والمواد الحاكة والمواد القابضة والمواد المزيلة للروائح .. كما عرفوا فتح الضرس بالمثقاب وإماتة عصب الضرس باستخدام الزرنيخ .
واشتغلت المرأة العربية بالتمريض والطب من قديم .. وفي أيام النبي عليه الصلاة والسلام كانت رفيدة الأسلمية تتخذ خيمة في المسجد تداوي فيها الجرحى في الحرب .. وفي أواخر الدولة الأموية كانت زينب طبيبة بني أود من الماهرات في صناعة الكحالة ومداواة آلام العين .
وكان العرب أول من استحضر أحماض الكبريتيك والنيتريك والماء الملكي وأيدروكسيد الصوديوم والنشادر ونترات الفضة وكلوريد الزئبق ويوديد الزئبق والأنتيمون وكثيراً غيرها .
وكان الرازي أول من جرب أملاح الزئبق على القرود ليرى مفعولها ، وأول من استخدم الزئبق في المراهم .
وعرف العرب في تحضير الأدوية و وسائل التقطير والتبخير والترشيح والتصعيد والتذويب والطبخ والتبلور .. وكان ابن سينا أول من غلف الحبوب بالذهب والفضة ، وكان الزهراوي أول من حضَّر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة .
وسبق العرب العالم في ابتكار نظام المستشفيات .. وكانوا في بيمارستان قلاوون يرفهون عن المرضى بالموسيقى وتلاوة القرآن .. وكانوا يعطون كل مريض منحة مالية عند خروجه حتى لا يُعجِّل إلى العودة إلى عمله في فترة النقاهة .
ومن أقوال الرازي .. ينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويرجيه بها وإن كان غير واثق بذلك ، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس ، وتلك نظرة نفسية عميقة من طبيب قديم .
وكان يقول .. لا تعالج بالدواء إذا استطعت أن تعالج بالغذاء وحده .. ولا تعطي دواءً مركباً إذا استطعت أن تعالج بدواء بسيط .
وفي تحرزهم في مسألة الأدوية هذه نرى طبيباً كبيراً من أطبائهم هو أبو العلاء ابن زهر الأندلسي يقول :
أقسم بالله أني ما سقيت دواء قط مسهلاً إلا واشتغل بالي قبله بأيام وبعده بأيام فإنما هي سموم ، فكيف حال مدبر السم ومسقيه .
وهذا طبيب كبير يتردد في كتابة دواء ملين ويقلق ويشتغل باله مخافة الإضرار بمريضه .
فأين هذا الطبيب من أطباء اليوم الذين يكتبون المضادات الحيوية والكورتيزون دون تحرز وهي سموم قتالة .
إنما هي أخلاقيات المسلم الذي يخاف ربه ..
ومِن النظرة الإيمانية أن تبدأ علاج المريض بأقرب الأشياء إلى طبيعته بمجرد تعديل قائمة غذائه .. فإذا لم يفلح العلاج لجأت إلى أعشاب من بيئته تقدمها له دون أن تغير طبيعتها ودون إضافة أو استخلاص أو تجزئة .. إيماناً بأن الله وضع العناصر الشافية في داخل هذه العبوة النباتية لحكمة .
وهذه النظرة صحيحة .. ولها شواهد علمية تؤيدها .. ففي التداوي بالنبات المسمى " بذر جوتونا " واسمه العلمي PLANTAGO OYATA لوحظ أن استخلاص العنصر الدوائي وهو القشر من البذور وتناوله منفرداً لعلاج القولون يؤدي إلى مضاعفات حساسية .. ولا تظهر هذه المضاعفات في حالة تناول البذور على حالتها الخام .
وهذا لا يعني ألا نقوم بالتجارب وندرس ونستخلص . بل المراد ألا نتدخل إلا للضرورة .. وأن ننظر باحترام إلى الطبيعة ومنتجاتها باعتبارها صناعة يد إلهية حكيمة لا تخطىء .
وعسل النحل وخواصه الشفائية شاهد على هذا الأمر .
وفي القرآن إشارات إلى مسائل مازالت إلى الآن من قبيل الأسرار ، فحينما يشكو أيوب لربه من مس الشيطان ..
" ربِ إني مسنيَ الشيطان بنصب وعذاب " .
يقول له ربه ..
" اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب " .
الله يصف له ماء الينابيع ليشرب ويغتسل .. ليذهب عن جسمه من هذا المس الضار .
وفي آية أخرى عن الماء يقول القرآن ..
" ويُنزل من السماء ماء ليطهركم به ويُذهب عنكم رجس الشيطان "
فيصف الماء بخاصيتين .. خاصية التنظيف والتطهير ، وخاصية أخرى هي إذهاب مس الشيطان .
وفي حديث شريف يقول النبي عليه الصلاة والسلام في علاج المحسود ..
" يتوضأ الحاسد ويغتسل المحسود من وضوئه " .
إنه الماء مرة أخرى يوصف ليذهب المسوس الروحية الضارة التي أحدثتها العين .
فما هي تلك الخاصية الغيبية للماء ؟
ذلك باب شريف للبحث ، قد يتضح لنا بيانه في المستقبل .
وقد ظن البعض خطأً أن التداوي ليس من الإسلام وأنه ناقض للتوَكُل ، وقال البعض لرسول الله .. انتداوَى يا رسول الله .. أيَرُد الدواء قدر الله .. ؟؟
فقال النبي عليه الصلاة والسلام .. " إنما نرد قدر الله بقدر الله ، فما خرج شيء عن قدر الله " .
وفي الإسلام لمحات من الطب الوقائي لو اتبعتها البلاد الإسلامية لاختفت البلهارسيا والإنكلستوما من القارة الأفريقية ، ولوفرت الملايين التي تنفَق على العلاج بلا جدوى .
فقد نهى النبي عن التبرز في الماء وفي الظل وفي طريق الناس وفي الحديث الثابت ..
" ولا يبولَن أحدكم في الماء ثم يتوضأ منه " .
"اتقوا الملاعن الثلاث : التبرز في الماء ، وفي ظل ، وفي طريق الناس " .
وتلك حلقة البلهارسيا المفرغة التي لا تنتهي .. تنزل البويضات في الماء .. فتفقس اليرقات وتسبح إلى القواقع .. ومن القواقع يخرج السركاريا ليصيب الإنسان من جديد ، فإذا كسرنا حلقة التبول والتبرز في الماء .. انتهت البلهارسيا إلى غير رجعة .
والنظافة أول الشعائر الدينية عند المسلم .. فلا صلاة بغير وضوء ولا إسلام بغير غُسل ولا ملبس إلا الطاهر .
يقول القرآن ..
" وثيابك فطَهِّر " .
والقرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي نص على الطهارة والنظافة والإغتسال .
وقد وضع الإسلام الأسس الثابته للصحة النفسية ، وذلك بالصبر والتوكل والتسليم والتفويض والحمد والشكر بعد الإجتهاد وبذل الوسع .
" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا " .
" عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ".
" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ".
" لا تيأسوا من رَوح الله إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون " .
وذلك هو الطب النفسي الإلهي الذي عجز فرسان الطب النفسي المادي أن يلحقوا به .. والذي مازال هو الباب الوحيد للسكينة والأمن حينما تسد جميع الأبواب .
مقال / الإسلام والطب
من كتاب / القرآن كائن حي
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ) . ❝
❞ «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون » 115- المؤمنون
لا عبثية ولا عبث..
وما نرى حولنا من تداول الأحوال على الناس من فقر إلى غني إلى مرض إلى عز إلى ذل إلى حوادث مفاجئة إلى مصائب إلى كوارث إلى نجاح إلى فشل، ليست أمورًا عبثية ولا مصادفات عشوائية، إنما هي ملابسات محكمة تدبير المدير الحكيم يريد أن يفض مكنون النفوس ويخرج مكتومها.
« والله مخرج ما كنتم تكتمون » 72 - البقرة
إننا جميعا شجعان حتى يدعو داعی الحرب فيبدي كل واحد عذرة ويختلق كل واحد ظروفًا تمنعه ولا يثبت ساعة الضرب إلا القليل.
ولولا محنة القتال ما انكشفت النفوس على حقيقتها.
ونحن جميعًا كرماء حتى يدعو داعی البذل، فتنكمش الأيدي التي كانت ممدودة بدعوى السخاء ولا تنبسط بالكرم إلا أكف معدودة.
وكما قال المتبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال
فالمشقة هي التي كشفت النفوس وفضحت دعاويها، ومن هنا جاءت ضرورتها.
وما كنا لنعرف صلابة الصلب لولا اختباره.
ولهذا خلق الله الدنيا ليعرف الضعيف ضعفه، وليعرف القوى قوته ولتفتضح الدعاوى الكاذبة، ويتم العدل باقتناع كل نفس باستحقاقها وبعدالة مصيرها النهائي في أعلى عليين أو أسفل سافلين.
خلق الله الدنيا ليحق الحق ويبطل الباطل.
ويصدق أيضا الكلام الذي يقول .. إن الله خلقنا ليعطينا.
فهو كلام يؤدي بنا إلى نفس المعنى
فهل يصح عطاء إلا بمعرفة الاستحقاقات أولًا ليكون العطاء حقًا . ❝
❞ قال الدكتور مصطفى محمود
( رحمه الله )
لا سبيل إلى تطهير النفس و تزكيتها إلا بإتقان العبادة و التزام الطاعات ، و إطالة السجود و فعل الصالحات ، و بحكم رتبة العبودية يصبح الإنسان مستحقاً للمدد من ربه ، فيمده الله بنوره و يهييء له أسباب الخروج من ظلمته ، و ذلك هو سلوك الطريق عند الصالحين من عباد الله ، بالتخلية ( تخلية النفس من الصفات المذمومة ) ، ثم التحلية ( تحلية القلب بالذكر و الفضائل ) والتعلّق والتخلّق والتحقّق . و التعلّق عندهم هو التعلّق بالله و ترك التعلّق بما سواه ، و التخلّق هو محاولة التحلّي بأسمائه الحسنى ، الرحيم و الكريم و الودود والرءوف و الحليم و الصبور و الشكور .. قولاً و فعلاً . و التحقّق هو أن تصل إلى أقصى درجات الصفاء و اللطف و المشاكلة ، فتصبح نورانياً في طباعك أو تكاد ، و لا سبيل إلى صعود هذا المعراج إلا بالعبادة و الطاعة و العمل الصالح ، و التزام المنهج القرآني و السلوك على قدم محمد العبد الكامل عليه صلوات الله و سلامه .
. ❝
❞ ما أراني وجدت نفسي مرة أهفو إلى العودة إلى صبوة ..
أو أرغب في استعادة لذة ..
أو أهدهد حنينا إلى أن يكر بي العمر راجعا ليقف عند متعة عزيزة ..
ذلك ما أراني قد شعرت به أبدا !!
ربما لإحساس شديد الوضوح بأن نهر الوعي يضيق كلما رجعت إلى الوراء مع صبوات العمر .. يضيق بلذته كما يضيق بآلامه .. وأن الوعي دائما إلى اتساع .. والرؤية إلى اتساع .. والعقل إلى نضج .. والشخصية إلى تكامل كلما تقدم العمر ..
ولهذا لا أحب أن أعود إلى نقص مهما حمل إلي هذا النقص وعودا باللذة .. فإني لا أراها اﻵن على البعد لذة .. بل أراها مرضا وحماقة .. وأرى القيم الظاهرية لتلك البورصة الدنيوية تنتكس في وجداني وكأنما تقوم قيامتي الخافضة الرافعة من اﻵن ..
فتنقلب المدلولات .. فإذا باللذة ألما .. وإذا باﻷلم لذة !!
وتلك صحوة لا أساوم بها على أي متاع ..
وإذا كان في العمر لحظات أعتز بها فعلا .. فهي لحظات الصحو أمثال تلك اللحظة .. حينما تتراءى الحقيقة من خلف سراب الوهم وتلامس الروح السر من وراء لثام الواقع .. فأرى النفوس على ما هي عليه حقا وليس كما تصفها بورصة الواقع بأسعارها الخادعه ..
وهي دائما لحظات تشملها الرجفة والرهبة والخوف من أن ينكشف جوهري أنا اﻵخر في الختام على ما لا يرضيني .. وأن أكون من أصحاب المعادن الدنيا .. التي هي حطب النار .
وذلك هو الغيب المخيف في أمر الخواتيم التي لا يعلمها إلا الله !!
كتاب " القرآن كائن حي " . ❝
❞ لماذا وصف الله نفسه بالمكر..؟
وقال..(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) (الأنفال)
وما الفرق بين مكر الله ومكرنا، وكيف يمكر الله..!
الله يمكر لإظهار الحقيقة. ونحن نمكر لإخفائها..
ولهذا كان مكر الله خيراً كله، ومكرنا سوءًا كله، مكر الله نور ومكرنا ظلمة، مكر الله عدل ومكرنا ظلم.
هل يمكن أن تتلبسنا الشياطين..؟
الله يقول إن الشياطين لا تتسلط إلا على أشباهها، و إنه لابد أن تكون هناك مشاكلة ومجانسة بين اثنين ليتسلط واحد على الآخر.. " شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " (الأنعام)
-الشيطان لا يتسلط إلا على شيطان مثله، حيث يمكن التواصل والتأثر بحكم المشاكلة، أما عباد الله فلا مدخل للشيطان عليهم، فالله يقول لإبليس..
" إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " (الحجر)
فلا حجة لمن يقول، تسلط علي الشيطان، فنحن نرد عليه قائلين .. (( لأنك شيطان مثله ))..!
ولمن يتصور أن المكر الإلهي ينافي العدل، نقول بل هو عين العدل، فالله لا يمكر إلا بماكر.." يمكرون ويمكر الله"(الأنفال)
" يكيدون كيدا، وأكيد كيدا " (الطارق)
- وحقيقة الأمر أن الله يسلط على الإنسان الذي يخفي شيئاً في نفسه إنساناً آخر يخفي شيئاً في نفسه، وهذا منتهى العدل، بل نحن أمام ميزان مضبوط تماماً، ففي كلتا الكفتين نفس ماكرة تخفي شيئاً.
ثم أنه من تماكر الإثنين بعضهما ببعض تظهر الحقيقة، وهذه هي الدنيا، ولهذا خلقها، لإحقاق الحق.
ماخلق السماوات والأرض إلا بالحق، وهذا عين الخير في أمر خلق الدنيا برغم ما يبدو من دم جريمة وشر وبشاعة، فالعبرة بالخواتيم، وشرور الدنيا زائلة مهما استحكمت، ولا أهمية لشر زائل مادام سوف يكشف لنا في الختام عن خير باق، ولو فكر الواحد منا في الأمر تفكيراً هادئاً، ولو تأمل ما يجري في الدنيا حوله في عمق، لأدرك أن الأمر جاد برغم ما يبدو في الظاهر من هزل و عبث، فكل شيء محسوب، و كل شيء يجري بموازين دقيقة، ونحن الماكرون الماهرون، وكل واحد فينا يتصور أنه يخطط بفطانة وذكاء، نحن بدون أن ندري، يكشف بعضنا بعضا، ونكشف أنفسنا من خلال مآزق الشطرنج المتوالية التي تزجنا فيها المقادير، و نفتضح عبر هذا الفعل المتسلسل الذي اسمه الدنيا حتى لا تبقى فينا باقية، ثم نموت وقد ظهر المكتوم..!
والذين يدركون تمام الإدراك لب القضية تصيبهم الرجفة من الرأس إلى القدم، إن ما يجري في هذه الدنيا ليس عبثاً
بل إن الأمر جاد بصورة مخيفة..!
..
د. #مصطفى_محمود من كتاب #القرآن_كائن_حي..📖 . ❝