█ _ مصطفى محمود 0 حصريا كتاب ❞ رحلتي من الشك الي الإيمان ❝ عن دار أخبار اليوم 2024 الإيمان: إلى هو فكري ألفه عام 1970 يعرض الكتاب العديد المواضيع والتساؤلات الفكرية والمتعلقة بخلق الإنسان والجسد والعقل ويتحدث بشكل تفصيلي رحلة الطويلة وصولاً فصول الكتاب: يتألف ثمانية فصول وهي: الله: هذا الفصل الأفكار الجدلية حول وجود الخالق وفكرة الوجود والعدم الجسد: ويتكلم كيفية تميز كل شخص بصفات فريدة تميزه غيره مثل البصمة الوراثية الروح: يتحدث الروح وكيف أنها مجهولة بالنسبة للإنسان العدل الأزلي: عدل الله المطلق لماذا العذاب؟: الحكمة العذاب ماذا قالت لي الخلوة التوازن الطبيعي المسيح الدجال الرد الإلحاد مجاناً PDF اونلاين روح المناقشات الدينية تناقش بالعقل بما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59) سورة النساء , لذا يحتوي القسم الكتب اللتي ترد الالحاد والملحدين وفرقهم رد عقلاني وفي نفس الوقت بالآدلة الواقعة القرآن والسنة
❞ ˝لأن العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام والانضباط من أصغر ذرّة إلى أكبر فلك... والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة..˝ . ❝
❞ هل أنت صادق ؟
سؤال سوف يجيب عليه الكل بنعم .. فكل واحد يتصور أنه صادق وأنه لا يكذب .. وقد يعترف أحدهم بكذبة أو بكذبتين ويعتبر نفسه بلغ الغاية من الدقة والصراحة مع النفس وأنه أدلى بحقيقة لا تقبل مراجعة .
ومع ذلك فدعونا نراجع معًا هذا الإدعاء العريض وسوف نكتشف أن الصدق شيء نادر جدّاً .. وأن الصادق الحقيقي يكاد يكون غير موجود .
وأكثرنا في الواقع مغشوش في نفسه حينما يتصور أنه من أهل الصدق .
بل إننا نبدأ في الكذب من لحظة أن نتيقظ في الصباح وقبل أن نفتح فمنا بكلمة .
أحياناً تكون مجرد تسريحة الشعر التي نختارها كذبة .
الكهل الذي يسرح شعره خنافس ليبدو أصغر من سِنه يكذب , والمرأة العجوز التي تصبغ شعرها لتبدو أصغر من سنها تكذب .
والباروكة على رأس الأصلع كذبة .
وطقم الأسنان في فم الأهتم كذبة .
والبدلة السبور الخفيفة التي تخفي تحتها فانلة صوف كذبة .
والكورسيه والمشدّات حول البطن المترهلة كذبة .
والنهد الكاوتشوك على الصدر المنهك من الرضاع كذبة .
والمكياج الذي يحاول صاحبه إن يخفي به التجاعيد هو نوع آخر من الكذب الصامت .
والبودرة والأحمر والكحل والريميل والرموش الصناعية .. كلها أكاذيب ينطق بها لسان الحال قبل أن يفتح الواحد منا فمه ويتكلم .
بل إن مجرد ضفيرة المدارس على رأس بنت الثلاثين كذبة .
واللبانة في فم رجل كهل هي كذبة أكثر وقاحة .
كل هذا ولم يبدأ اللسان ينطق ولم يُفتح الفم بعد .
فإذا فتح الواحد منا فمه وقال صباح الخير .. فإنه يقولها على سبيل العرف والعادة .. لم ينوي له الخير ولم ينوي له الشر .. فهو يكذب .. وهو يقرأ السلام على من يبيت له العدوان .. فهو يكذب .
فإذا رفع سماعة التليفون مضى يطلب ما لا يريد من الأشياء لمجرد أنها مظاهر ومجاملات .. فهو يكذب .. وقد يرفض ما يريد خجلًا وادعاء .. فهو يكذب .
والولد والبنت يتكلمان طوال ساعتين في كل شيء إلا ما يتحرقان شوقًا إلى أن يتصارحا به .. فهما يكذبان .
وفتاة البار تبدؤك الحديث بالحب وهو لا يخطر لها على بال ولا تشغلها سوى حافظة نقودك . وكم زجاجة من الشمبانيا ستفتح لها .
والإعلان الذي يصف لك نكهة السيجارة وفوائدها الصحية يكذب عليك .
والإعلان الذي يقول لك إن قرص الإسبرين يشفي من الإنفلونزا كذب حتى بالقياس إلى علم الأدوية ذاته .
وكل ما يدور في عالم البيع والشراء يبدأ بالكذب .
وصورة لاعب التنس في يده زجاجة ويسكي وصورة الأسد الذي يحتضن زجاجة الكينا .. وبطل الجري الذي يدخن سيجارة فرجينيا كلها صنوف من الأكاذيب الظريفة التي تراها ملصقة على الجدران وعلى أغلفة الصحف وفي إعلانات السينما والتلفزيون وكأنما أصبح الكذب عُرفًا تجاريًا لا لوم عليه .
وفي عالم السياسة والسياسيين وفي أروقة الأمم المتحدة وعلى أفواه الدبلوماسيين نجد أن الكذب هو القاعدة .
بل إن فن الدبلوماسية الرفيع هو كيف تستطيع أن تجعل الكذب يبدو كالصدق .. وكيف تقول ما لا تعني .. وكيف تخفي ما تريد .. وكيف تحب ما تكره .. وكيف تكره ما تحب .
وأذكر بهذه المناسبة النكتة التي رويت عن تشرشل حينما رأى شاهد مقبرة مكتوبًا عليها ..
(( هنا يرقد الرجل الصادق والسياسي العظيم )) .
فقال ضاحكاً :
هذه أول مرة أرى فيها رجلين يدفنان في تابوت واحد .
فلم يكن من الممكن إطلاقاً في نظر تشرشل أن يكون الرجل الصادق والسياسي العظيم رجلاً واحداً .. إذ أن أول مؤهلات العظمة السياسية في نظر تشرشل هو الكذب .
وشرط السياسة هو أن تخفي الحقيقة لحساب المصلحة .. وتتأخر العاطفة لتتقدم الحيلة .. والفطنة .. والذكاء .. والمراوغة .
والدبلوماسي الذي يجاهر بعاطفته هو دبلوماسي أبله .. بل إنه لا يكون دبلوماسيّاً على الإطلاق .
وفي عالم الدين ودنيا العبادات يطل الكذب الخفي من وراء الطقوس والمراسيم .
شهر الصيام الذي هو امتناع عن الأكل يتحول إلى شهر أكل فتظهر المشهيات والحلويات والمخللات والمتبلات .. من كنافة إلى مشمشية إلى قطايف إلى مكسرات ويرتفع استهلاك اللحم في شهر رمضان فتقول لنا الإحصاءات بالأرقام إنه يصل إلى الضعف ويصبح شهر رمضان هو شهر الصواني والطواجن .
وبين كل مائة مُصَل أكثر من تسعين يقفون بين يدي الله وهم شاردون مشغولون بصوالحهم الدنيوية يعبدون الله وهم في الحقيقة يعبدون مصالحهم وأغراضهم ويركعون الركعة لتُقضَى لهم هذه المصالح والأغراض .
وقد عاش بابوات القرون الوسطى في ترف الملوك والسلاطين وسبحوا في الذهب والحرير والسلطة والنفوذ , وامتلكوا الإقطاعيات والقصور بإسم الدين وبإسم الإنجيل الذي يقول إن الغني لن يدخل ملكوت الله إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة .
بل إنهم تصوروا أنهم امتلكوا الجنة فباعوها صكوكًا لطالبي الغفران .
وفي دولة الحب نجد أن مخادعة النفس هي الأسلوب المتعارف عليه .. يخدع كل واحد نفسه ويخدع الآخر أحيانًا بوعي وأحيانًا بدون وعي .. فيتحدث العاشقان عن الحب وهما يريدان أن يقدما مبررًا شريفًا مقبولًا للوصول إلى الفراش .. ويخيل للحبيب أنه قد جن حبّاً وهو في الواقع يلتمس لنفسه وسيلة للهرب من واقع مرير .
كنوع من إظهار البراعة والمهارة أو كمظهر من مظاهر النجاح .
وأحياناً تكون كلمة الحب كذبة معسولة تخفي وراءها رغبة شريرة في الإمتلاك والإستحواذ والسيطرة .
وأحياناً تكون كلمة الحب خطة محبوكة وشِركاً للوصول إلى ميراث .
وهي في أكثر صورها شيوعاً وسيلة للوصول إلى لذّة سريعة وطريقة لتدليك الضمير والتغلب على الخجل ورفع الكلفة .
وهي ذريعتنا الدائمة للتغلب على عقدة الذنب فتخلع المرأة آخر قطعة ثياب وهي تطمئن نفسها بأنها ضحية الحب .. وأن الحب إحساس طاهر وأنه أمر الله وأنه قضاء وقدر .. وأنها ليست أول من أحبت ولا آخر من أعطت .
ولا توجد شبكة حريرية من الأكاذيب كما توجد في الحب .. ففي كل كلمة كذبة .. وفي كل لمسة كذبة .. والغريزة الجنسية ذاتها تكذب فما أسرع ما تشتعل وما أسرع ما تنطفئ . وما أسرع ما تضجر وتمل وتطالب بتغيير الطعام .
والصدق في الحب وقصص الحب نادر أندر من الماس في الصحاري .. وهو من أخلاق الصديقين وليس من أخلاق الغمر العادي من الناس .
وتتواطأ أغاني الحب وقصص الحب وتتآمر هي الأخرى لتنصب شراكاً من الأكاذيب المنمقة الجميلة وترسي دعامات ساحرة من الأوهام والأحلام الوردية والصور البراقة الخادعة عن القبلة والضمة ولقاء الفراش ولذة العذاب وعذاب اللذة ولسعة الحرمان ودموع الوسادة وإغماء السعادة وصحوة الفراق .. وضباب وضباب .. وعطور وصور خلابة مرسومة بريشة فنانين كذابين عظام .
والكذب في الفن عادة قديمة بدأها الشعراء من زمن طويل .
وقصائد المديح وقصائد الهجاء في شعرنا العربي شاهد على انتشار هذه العادة السيئة .
والفن وليد الهوى والخاطر والمزاج .. والمزاج متقلب .
ما أكثر الكذب حقّاً !
إننا لنكذب حتى في الأكل فنأكل حتى ونحن شبعانون .
أين الصدق إذن ؟
ومتى تأتي هذه اللحظة الشحيحة التي نتحرى فيها الحق والحق وحده ؟
إنها تأتي على ندرة .
في معمل العالم الذي يضع عينه على ميكروسكوب بحثاً عن حقيقة .
هنا نجد العقل يتطلع في شوق حقيقي وصادق ويبحث في حياد مطلق .. ويفكر في موضوعية على هدى أرقام دقيقة ومقادير وقوانين .
والعلم بذاته هو النظرة الموضوعية المستقلة عن الهوى والمزاج وأداته الوحيدة .. صدق الإستقراء .. وصدق الفراسة .
واللحظة الأخرى الصادقة هي لحظة الخلوة مع النفس حينما يبدأ ذلك الحديث السري .. ذلك الحوار الداخلي .
تلك المكالمة الإنفرادية حيث يصغي الواحد إلى نفسه دون أن يخشى أذناً أخرى تتلصص على الخط .
ذلك الإفضاء والإفشاء والإعتراف والطرح الصريح من الأعماق إلى سطح الوعي في محاولة مخلصة للفهم .
وهي لحظة من أثمن اللحظات .
إن الحياة تتوقف في تلك اللحظة لتبوح بحكمتها .
والزمن يتوقف ليعطي ذلك الشعور المديد بالحضور .. حيث نحن في حضرة الحق .. وحيث لا يجوز الكذب والخداع والتزييف .. كما لا يجوز لحظة الموت ولحظة الحشرجة .
إننا نكتشف ساعتها أننا عشنا عمرنا من أجل هذه اللحظة .. وأننا تألمنا وتعذبنا من أجل أن نصل إلى هذه المعرفة الثمينة عن نفوسنا .
وقد تأتي تلك اللحظة في العمر مرة فتكون قيمتها بالعمر كله .
أما إذا تأخرت ولم تأت إلا ساعة الموت .. فقد ضاع العمر دون معنى ودون حكم .. و أكلته الأكاذيب .. وجاءت الصحوة بعد فوات الأوان .
ولهذا كانت الخلوة مع النفس شيئاً ضروريّاً ومقدساً بالنسبة لإنسان العصر الضائع في متاهات الكذب والتزييف .. وهي بالنسبة له طوق النجاة وقارب الإنقاذ .
والإنسان يولد وحده ويموت وحده ويصل إلى الحق وحده .
وليست مبالغة أن توصف الدنيا .. بأنها باطل الأباطيل .. الكل باطل وقبض الريح ..
فكل ما حولنا من مظاهر الدنيا يتصف بالبطلان والزيف .
ونحن نقتل بعضنا بعضاً في سبيل الغرور وإرضاء لكبرياء كاذب .
والدنيا ملهاة قبل أن تكون مأساة .
ومع ذلك نحن نتحرق شوقاً في سبيل الحق ونموت سعداء في سبيله .
والشعور بالحق يملؤنا تماماً وإن كنا نعجز عن الوصول إليه .
إننا نشعر به ملء القلب وإن كنا لا نراه حولنا .
وهذا الشعور الطاغي هو شهادة بوجوده .
إننا وإن لم نر الحق وإن لم نصل إليه وإن لم نبلغه فهو فينا .. وهو يحفزنا .. وهو مثال مطلق لا يغيب عن ضميرنا لحظة وبصائرنا مفتوحة عليه دوماً .
ولحظة التأمل الصافي تقودنا إليه .
والعلم يقودنا إليه .
ومراقبتنا لأنفسنا من الداخل تقودنا إليه .
وبصائرنا تهدي إليه .
والحق في القرآن هو الله .. وهو أحد أسمائه الحسنى .
وكل هذه المؤثرات الداخلية تدل عليه .
وهو متجاوز للدنيا متعالٍ عليها .
نراه رؤية بصيرة لا رؤية بصر .
وتبرهن عليه أرواحنا بكل شوقها وبكل نزوعها .
والعجب كل العجب لمن يسألنا عن برهان على وجود الله .. على وجود الحق .. وهو نازع إليه بكليته مشغوف به بجماع قلبه .
وكيف يكون موضع شك من هو قِلبة كل القلوب ومهوى جميع الأفئدة وهدف جميع البصائر ؟
كيف نشك في وجوده وهو مستولٍ على كل مشاعرنا ؟
كيف نشك في الحق ونطلب عليه دليلاً من الباطل ؟
كيف ننزلق مع المنطق المراوغ إلى هذه الدرجة من التناقض فنجعل من لب الوجود وحقيقة حقائقه محل سؤال ؟
إني لا أجد نصيحة أثمن من أن أقول ليعد كل منا إلى فطرته .. ليعد إلى بكارته وعذريته التي لم تدنسها لفلفات المنطق ومراوغات العقل .
ليعد كل منا إلى قلبه في ساعة خلوة .
وليسأل قلبه .
وسوف يدل قلبه على كل شيء .
فقد أودع الله في قلوبنا تلك البوصلة التي لا تخطئ .. والتي اسمها الفطرة والبداهة .
وهي فطرة لا تقبل التبديل ولا التشويه لأنها محور الوجود ولُبَه ومداره وعليها تقوم كل المعارف والعلوم .
(( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ))
(الروم – 30)
لقد جعل الله هذه الفطرة نازعة إليه بطبيعتها تطلبه دواماً كما تطلب البوصلة أقطابها مشيرة إليه دالة عليه .
فليكن كل منا كما تملي عليه طبيعته لا أكثر .
وسوف تدله طبيعته على الحق .
وسوف تهديه فطرته إلى الله بدون جهد .
كن كما أنت .. وسوف تهديك نفسك إلى الصراط .
مقال / ماذا قالت لي الخلوة ؟!
من كتاب / رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ المسيخ الدجال قد ظهر بالفعل كما يقول الكاتب البولندي ليوبولد فايس، وقد اسلم هذا الكاتب وتسمى بإسم محمد أسد.
وهذا المسيخ الشائه ذو العين الواحدة كما يقول هو:
التقدم العلمي والقوة المادية والترف المادي. معبودات هذا الزمان .
مدينة العصر الذري، العوراء العرجاء، التي تتقدم في اتجاه واحد، وترى في اتجاه واحد هو الاتجاه المادي .
على حين تفتقد العين الثانية ((الروح)) التي تبصر البعد الروحي للحياة . فهي قوة بلا محبة، وعلم بلا دين، وتكنولوجيا بلا اخلاق .
وقد استطاع هذا المسخ فعلا عن طريق العلم ان يسمع ما يدور في اقصى الارض ((باللاسلكي)) ويرى ما يجري في اخر الدنيا ((بالتلفزيون))، وهو الان يسقط المطر بوسائل صناعية، ويزرع الصحارى، ويشفي المرضى وينقل قلوب الاموات الى الاحياء، ويطير حول الارض في صواريخ وينشر الموت والدمار بالقنابل الذرية، ويكشف عروق الذهب في باطن الجبال .
وقد افتتن الناس بهذا المسخ فعبدوه. وامام هذا الاستعراض الباهر للتقدم العلمي الغربي فقدنا نحن الشرقيين ثقتنا بأنفسنا ونظرنا بإحتقار الى تراثنا وديننا.
وفي حمى الشعور بالنقص والتخلف تصورنا ان دياناتنا ضرب من الخرافات المخجلة التي يجب ان نتخلص منها لنلحق بركب التقدم وندخل في رحاب المعبد الجديد. معبد العلم لنعبد ذلك الإله الجديد الذي اسمه القوة المادية وسجدنا مبهورين فاقدي الوعي وقد اختلطت علينا الوسيلة بالغاية
فجعلنا من القوة المادية غايتنا . ونسينا انها مجرد وسيلة واداة .
القطار وسيلة .
والتلغراف وسيلة .
والكهرباء وسيلة .
والطاقة الذرية وسيلة .
ودور هذه الوسائل ان توضع في خدمة الانسان لتحرره من الضرورات المادية فيفرغ الى الفكر والتأمل واثراء روحه بالمعرفة الحقة .
وبدلا من ان تكون هذه الوسائل في خدمتنا اصبحنا نحن في خدمتها نكد ونكدح ونتعارك ونتكالب لنمتلك عربة وراديو وتلفزيونا. فإذا امتلكنا هذه الاشياء ازددنا نهما ورغبة لنمتلك عربة اكبر ثم جهاز تسجيل ستيريوفونيك ثم قاربا للنزهة ثم يختا ثم فيلا وحديقة وحمام سباحة ..
ثم طائرة خاصة ان امكن، ويطيش صوابنا شيئا فشيئا امام سيل المنتجات الاستهلاكية التي تملأ الفترينات..ونتحول الى جوع اكال يزداد جوعا كلما امعن في الشراء. وحلقة مفرغة من الاطماع لا تنتهي لتبدأ .
وهي ابدا تهدف الى اقتناء سبب من اسباب القوة المادية او الترف الحياتي مما تطرحه التكنولوجيا كل يوم في واجهات المحلات .
. ❝
❞ لا أنسى تلك الليلة منذ سنوات وأنا في رحلتي في أدغال أفريقيا الإستوائية أشق النيل العريض في سفينة نيلية وقد تجاوزنا الملكال ودخلنا منطقة يكثر فيها البعوض وينبسط فيها النيل على شكل مستنقعات على مدى البصر .
والسفينة تتهادى على سطح الماء في جو لزج شديد الرطوبة ويقع مريضاً بالملاريا كل من على السفينة حتى الربان .. وأنا أبتلع أقراص الكاموكين بانتظام خوفًا من الإصابة بالحمى .
وذات ليلة خطر لي أن أصعد على سطح السفينة لأشاهد أفريقيا الإستوائية في الليل .
ودهنت وجهي وذراعي بطارد البعوض وتسللت إلى السطح وكان ما رأيته شيئاً كالحلم .
كانت آلاف الأشجار تضيء وتنطفئ وكأنها أشجار الميلاد يلهو بها الأطفال وقد غطوها بآلاف القناديل الكهربائية الصغيرة يضيئونها ويطفئونها معًا .
ومسحت على عيني من الدهشة .. وعدت أنظر .
كان ما أرى حقيقة لا خيالًا .
كانت الأشجار تومض بالفعل كأنها مغطاة بآلاف الكهارب ثم تنطفئ .
وأخبرني الربان أن ما رأيت في تلك الليلة كان هو الحقيقة بعينها .. وأن تلك الأشجار تغطيها آلاف من حشرات الحباحب المضيئة وأنها تضيء معًا لتجذب البعوض بضوئها ثم تأكله وتعود فتنطفئ من جديد .. وأن هذه سُنّة الطبيعة .. كلما تكاثرت فيها حشرة اصطنع لها الله حشرة مضادة تأكلها ليحفظ للمخلوقات توازنها فلا يطغى واحد على الآخر إلا بحساب .
وظللت أذكر تلك الليلة .
وظللت أذكر ذلك الحديث .
وكل يوم يجتمع لديّ المزيد من الأدلة بأن الكون هو بالفعل مسرح للتوازن العظيم في كل شيء .. وأن كل شيء قد قُدِّر فيه تقديرًا دقيقًا .
لو كانت الكرة الأرضية أصغر حجمًا مما هي لضغطت جاذبيتها ولأفلت الهواء من جوها وتبعثر في الفضاء ولتبخر الماء وتبدد ولأصبحت جرداء مثل القمر لا ماء ولا هواء ولا جو ولاستحالت الحياة .
ولو كانت أكبر حجمًا مما هي لازدادت قوتها الجاذبة ولأصبحت الحركة على سطحها أكثر مشقة ولازداد وزن كل منا أضعافًا ولأصبح جسده عبئًا ثقيلًا لا يمكن حمله .
ولو أنها دارت حول نفسها بسرعة أقل كسرعة القمر مثلًا لاستطال النهار إلى 14 يومًا والليل إلى 14 ليلة ولتقلب الجو من حر مهلك بطول أسبوعين إلى صقيع قاتل بطول أسبوعين ولأصبحت الحياة مستحيلة .
وبالمثل لو أن الأرض اقتربت في فلكها من الشمس مثل حال الزهرة لأهلكتنا الحرارة .. ولو أنها ابتعدت في مدارها مثل زحل والمشتري لأهلكنا البرد .
وأكثر من هذا فنحن نعلم أنها تدور بزاوية ميل قدرها 33 درجة الأمر الذي تنشأ عنه المواسم وتنتج عنه صلاحية أكثر مناطق الأرض للزراعة والسكن .
ولو كانت قشرة الأرض أكثر سُمكًا لامتصت الأكسجين, ولما وجدنا حاجتنا من هذا الغاز الثمين .
ولو كانت البحار أعمق لامتصت المياه الزائدة ثاني أكسيد الكربون ولما وجد النبات كفايته ليعيش ويتنفس .
ولو كان الغلاف الهوائي أقل كثافة لأحرقتنا النيازك والشهب المتساقطة بدلًا من أن تستهلك هذه الشهب وتتفتت في أثناء اختراقها للغلاف الهوائي الكثيف كما يحدث حاليًا .
ولو زادت نسبة الأكسجين عما هي عليه حاليّاً في الجو لازدادت القابلية للاحتراق و لتحولت الحرائق البسيطة إلى انفجارات هائلة .
ولو انخفضت لاستحال نشاطنا إلى خمول .
ولولا أن الثلج أقل كثافة من الماء لما طفا على السطح ولما حفظ أعماق البحار دافئة وصالحة لحياة الأسماك والأحياء البحرية .
ولولا مظلة الأوزون المنصوبة في الفضاء فوق الأرض والتي تمنع وصول الأشعة فوق البنفسجية إلى الأرض إلا بنسب ضئيلة .. لأهلكتنا هذه الأشعة القاتلة .
فإذا جئنا إلى تشريح الإنسان نفسه فسوف نرى المعجز والملغز من أمر هذا التوازن الدقيق المحسوب .. فكل عنصر له في الدم نسبة ومقدار .. الصوديوم .. البوتاسيوم .. الكالسيوم .. السكر .. الكوليسترول .. البولينا .
وأي اختلال في هذه النسب ولو بمقادير ضئيلة يكون معناه المرض .. فإذا تفاقم الاختلال فهو العجز والموت .
والجسم مسلح بوسائل آلية تعمل في تلقائية على حفظ هذا التوازن طوال الحياة .
بل إن قلوية الدم لها ضوابط لحفظها .
وحموضة البول لها ضوابط لحفظها .
ودرجة الحرارة المكيفة دائمًا عند 37 مئوية، من ورائها عمليات فسيولوجية وكيميائية ثابتة متزنة عن هذا المستوى .
وكذلك ضغط الدم .
وتوتر العضلات .
ونبض القلب .
ونظام الإمتصاص والإخراج .
ونظام الاحتراق الكيميائي في فرن الكبد .
ثم الاتزان العصبي بين عوامل التهدئة والإثارة .
ثم عملية التنظيم التي تقوم بها الهرمونات والإنزيمات بين التعجيل والإبطاء للعمليات الكيميائية والحيوية .
معجزة فنية من معجزات التوازن والاتساق والهارموني يعرفها كل طبيب وكل دارس للفسيولوجيا والتشريح والكيمياء العضوية .
(( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرا ))
(الفرقان – 2)
ولن تنتهي الأمثلة في علم النبات و الحيوان و الطب و الفلك , مجلدات و مجلدات .و كل صفحة سوف تؤيد وتؤكد هذا التوازن المحكم والإنضباط العظيم في عالم الخلق والمخلوقات .
والقول بأن كل هذا الاتساق والنظام حدث صدفة واتفاقًا هو السذاجة بعينها . كقولنا إن انفجارًا في مطبعة أدى إلى أن تصطف الحروف على هيئة قاموس محكم .
والكيميائي المغرور الذي قال .. آتوني بالهواء والماء والطين وظروف نشأة الحياة الأولى وأنا أصنع لكم إنسانًا .. هذا الكيميائي قد قرر احتجاجه سلفًا لكل العناصر والظروف .. وهو اعتراف بالعجز عن تقليد صنعة الخالق الذي خلق كل شيء وخلق ظروفه أيضًا .
ولو أنا آتيناه بكل هذه العناصر وكل تلك الظروف .. ولو أنه فرضًا وجدلًا استطاع أن يخلق إنساناً ... فإنه لن يقول .. صنعته الصدفة ... بل إنه سوف يقول .. صنعته أنا .
والكلام عن القرد الذي يجلس على آلة كاتبة لمدى اللانهاية من الزمان ليدق لانهاية من الإمكانيات .. وكيف أنه لا بد يوماً ما أن يدق بالصدقة بيتاً لشكسبير أو جملة مفيدة .. هو كلام مردود عليه .
فسوف نسلم جدلاً وفرضاً بأن هذا حدث في الطبيعة وبأنه حدث صدفة واتفاقاً وبعد ملايين الملايين من التباديل والتوافيق بين العناصر ...تكونت بالصدفة في مياه المستنقعات كمية من الحامض النووي DNA الذي يستطيع أن يكرر نفسه .
لكن ...كيف تطورت هذه الكمية من الحامض العضوي إلى الحياة التي نراها ؟
سوف نعود فنقول بالصدفة أمكن تشكيل البروتوبلازم .
ثم بصدفة أخرى تشكلت الخلية .
ثم بصدفة ثالثة تشعبت إلى نوعين خلية نباتية وخلية حيوانية .
ثم نتسلق شجرة الحياة درجة درجة ومعنا هذا المفتاح السحري .
كلما أعيتنا الحيلة في فهم شيء قلنا إنه حدث صدفة .
هل هذا معقول .. ؟!
بالصدفة تستدل الطيور والأسماك المهاجرة على أوطانها على بعد آلاف الأميال وعبر الصحارى والبحار .
بالصدفة يكسر الكتكوت البيضة عند أضعف نقطة فيها ليخرج .
بالصدفة تلتئم الجروح وتخيط شفراتها بنفسها بدون جراح .
بالصدفة يدرك عباد الشمس أن الشمس هي مصدر حياته فيتبعها .
بالصدفة تصنع أشجار الصحارى لنفسها بذوراً مجنحة لتطير عبر الصحارى إلى حيث ظروف إنبات وري وأمطار أحسن .
بالصدفة اكتشف النبات قنبلته الخضراء ( الكلوروفيل) واستخدامها في توليد طاقة حياته .
بالصدفة صنعت البعوضة لبيضها أكياساً للطفو (بدون معونة أرشميدس) .
والنحلة التي أقامت مجتمعاً ونظاماً ومارست العمارة وفنون الكيمياء المعقدة التي تحول بها الرحيق إلى عسل وشمع .
وحشرة الترميت التي اكتشفت القوانين الأولية لتكيف الهواء فأقامت بيوتًا مكيفة وطبقت في مجتمعها نظاماً صارماً للطبقات .
والحشرات الملونة التي اكتشفت أصول وفن مكياج التنكر والتخفي .
هل كل هذا جاء صدفة .
وإذا سلمنا بصدفة واحدة في البداية .فكيف يقبل العقل سلسلة متلاحقة من المصادفات والخبطات العشوائية .
إنها السذاجة بعينها التي لا تحدث إلا في الأفلام الهزلية الرخيصة .
وقد وجد الفكر المادي نفسه في مأزق أمام هذه السذاجة فبدأ يحاول التخلص من كلمة صدفة ليفترض فرضاً آخر ..
فقال إن كل هذه الحياة المذهلة بألوانها وتصانيفها بدأت من حالة ضرورة .. مثل الضرورة التي تدفعك إلى الطعام ساعة الجوع . ثم بتعقد الظروف والبيئات والحاجات فنشأت كل هذه الألوان .
وهو مجرد لعب بالألفاظ .
فمكان الصدفة وضعوا كلمة (( تعقد الضرورة )) .
وهي في نظرهم تتعقد تلقائيّاً .. وتنمو من نغمة واحدة إلى سمفونية تلقائياً .
كيف ؟
كيف ينمو الحدث الواحد إلى قصة محبوكة بدون عقل مؤلف ؟
ومَن الذي أقام الضرورة أصلاً ؟
وكيف تقوم الضرورة مِن لا ضرورة ؟
إنها استمالة العقل الخبيث المكابر ليتجنب صوت الفطرة الذي يفرض نفسه فرضاً ليقول إن هناك خالقاً مدبراً هو اليد الهادية و عصا المايسترو التي تقود هذه المعزوفة الجميلة الرائعة .
هذا التوازن العظيم والاتساق المذهل والتوافق والتلاحم والانسجام الذي يتألف من ملايين الدقائق والتفاصيل يصرخ بأن هناك مبدعاً لهذه البدائع وأنه إله قادر جامع لكل الكمالات قريب من مخلوقاته قرب دمها من أجسادها .. معتني بها عناية الأب الحنون مستجيباً لحاجاتها سميعاً لآهاتها بصيراً بحالاتها .. وأنه الله الذي وصفته لنا الأديان بأسمائه الحسنى ولا سواه .. وليس القانون الأصم الذي تقول به العلوم المادية البكماء .. ولا إله أرسطو المنعزلين .. ولا إله أفلاطون القابع في عالم المُثُل .. ولا هو الوجود المادي بكليته كما تصور إسبينواز وأتباع الوجود .
و إنما هو :
الأحد .
الذي ليس كمثله شيء .
المتعالي على كل ما نعرف من حالات و صور و أشكال و زمان و مكان .
ظاهر بأفعاله خفي بذاته .. لا تراه الأبصار و يرى كل الأبصار .. بل إن كل الأبصار ترى به و بنوره و بما أودع فيها من قدرة .
و العقل العلمي لا يعترف بهذه الكلمات الصوفية و يريد أن يرى الله ليعترف به .. فإذا قلنا له إن الله ليس محدوداً ليقع في مدى الأبصار .. و إنه اللانهاية و إنه الغيب .
يقول لنا العلم . إنه لهذا لا يعترف به . و إنه ليس من العلم الإيمان بالغيب و إن مجال العلم هو المحسوس , يبدأ من المحسوس و ينتهي إلى المحسوس .
فنقول للعلم .. كذبت .
إن نصف العلم الآن أصبح غيباً .
العلم يلاحظ و يدون الملاحظات .. يلاحظ أن صعود الجبل أشق من النزول منه .. و إن رفع حجر على الظهر أصعب من رفع عصاً .. و أن الطير إذا مات وقع على الأرض . و أن التفاحة تقع هي الأخرى من شجرتها على الأرض .. و أن القمر يدور معلقاً في السماء .
و هي ملاحظات لا تبدو بينها علقة .
و لكن حينما يكتشف نيوتن الجاذبية ترتبط كل هذه الملاحظات لتصبح شواهد دالة على هذه الجاذبية .. وقوع التفاحة من شجرتها وصعوبة تسلق الجبل و صعوبة رفع الحجر .. و تعلق القمر بالسماء .
إنها نظرية فسرت لنا الواقع .
و مع ذلك فهذه الجاذبية غيب لا أحد يعرف كنهها .. لم ير أحد الأعمدة التي ترفع السماوات بما فيها من نجوم و كواكب .
و نيوتن نفسه و هو صاحب النظرية يقول في خطاب إلى صديقه بنتلى :
إنه لأمر غير مفهوم أن نجد مادة لا حياة فيها و لا إحساس تؤثر على مادة أخرى و تجذبها مع أنه لا توجد بينهم أي علاقة .
فها هي ذي نظرية علمية نتداولها و نؤمن بها و نعتبرها علماً .. و هي غيب في غيب .
و الإلكترون .
و الموجة الكلاسيكية .
و الذرة .
و النترون .
لم نر منها شيئاً و مع ذلك نؤمن بوجودها اكتفاء بآثارها . و نقيم عليها علوماً متخصصة و نبني لها المعامل و المختبرات .. و هي غيب في غيب .. بالنسبة لحواسنا .
و العلم لم يعرف ماهية أي شيء على الإطلاق .
و نحن لا نعرف إلا أسماء . لا نعرف إلا مسميات .. نحن لا نتبادل مصطلحات دون أن نعرف لها كنهاً .
و الله حينما علم آدم الأسماء فقط و لم يعلمه المسميات .
((و عَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّهَا))
(31 – البقرة)
و هذه هي حدود العلم .
و غاية مطمع العلم أن يتعرف على العلاقات و المقادير . و لكنه لا يستطيع أن يرى جوهر أي شيء أو ماهيته أو كنهه . هو دائماً يتعرف على الأشياء من ظواهرها و يتحسسها من خارجها .
و مع ذلك فهو يحتضن بنظرياته كل الماهيات و يفترض الفروض و يتصور مسائل هي بالنسبة لأدواته محض غيب و تخمين .
نحن في عصر العلم الغيبي .. والضرب في متاهات الفروض .
و ليس للعلم الآن أن يحتج على الغيبيات بعد أن غرق إلى أذنيه في الغيبيات .
و أولى بنا أن نؤمن بعالم الغيب . خالقنا البر الكريم . الذي نرى آثاره في كل لمحة عين و كل نبضة قلب و كل سبحة تأمل .
هذا أمر أولى بنا من الغرق في الفروض .
مقال / التوازن العظيم .
من كتاب/ رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ العقل الذي يطلب برهاناً على وجود الله هو عقل فقد التعقل، فالنور يكشف لنا الأشياء ويدلنا عليها ولا يمكن أن تكون الأشياء هي دليلنا على النور، كمن يسير في ضوء النهار ثم يقول أين دليلك على أن الدنيا نهار . ❝
❞ إن دنيانا هي فترة موضوعة بين قوسين بالنسبة لما بعدها وما قبلها .. هي ليست كل الحقيقة ولا كل القصة .. وإنما هي فصلٌ صغير من رواية سوف تتعدد فصولاً . ❝
❞ العقل معذور في إسرافه إذ يرى نفسه واقفا على هرم هائل من المنجزات و إذ يرى نفسه مانحا للحضارة بما فيها من صناعة و كهرباء و صواريخ و طائرات و غواصات و إذ يرى نفسه قد اقتحم البر و البحر و الجو و الماء و ما تحت الماء. فتصور نفسه القادر على كل شيء و زج نفسه في كل شيء و أقام نفسه حاكما على ما يعلم وما لا يعلم . ❝