█ _ عزيز محمد 2017 حصريا ❞ الحالة الحرجة للمدعو ك ❝ عن دار التنوير للطباعة والنشر 2024 ك: بضع لحظات صامتة مرّت فيما راح الباب ينغلق مهله أخبرني بعدها أن عليَّ التفكير بجدية العلاج الكيميائي بنفس النبرة التي يخبرني بها أحدهم أنه حان الوقت لشراء حذاء جديد كنت هادئاً والطبيب هادئ والغرفة هادئة ودرجة الحرارة فيها مناسبة وكان ثمة بخار يتصاعد من أكواب الشاي الورقية أمامنا حملت الكوب إلى حجري وأطرقت إليه بسكون عبر الشق السفلي للباب كانت تصلني الممر أصوات خافتة؛ نداءات لمرضى وممرضات يتحركن بخفة أزواج أحذية بيضاء تلتصق خطواتها البلاط ومن منطقة أبعد قليلاً أخذ يتردَّد بكاء صاخب لرضيع حُقن بإبرة الأرجح حين عاد الطبيب يتحدث كنت لا أزال ممسكاً بالكوب وقد ازداد سخونة بين يديّ استغرقت التحديق داخل باهتمام كما لو كان صوت يصدر هناك مجاناً PDF اونلاين
❞ “كنت أرغب في أن أكون ملحوظاً بطريقة خاصة، لكني لم أرغب أبداً في أن أكون الأكثر إثارة للانتباه. وكان هذا نزوعاً يجري في طبيعتي، فلطالما ارتبكت متى اضطررت أن أكون في الواجهة في أيٍّ من مجالات الحياة.” . ❝
❞ “كنت أتساءل عمَّ إذا كان موت البشريّ حقاً أقل فظاعة، لمجرد أننا نملك مشاعر وأفكاراً نواجهه بها؛ أم إن قدرة الإدراك هذه تحديداً هي ما يجعل موتنا أشد وحشة من أي شيء آخر في الوجود؟ لعل أفضل إجابة هي أن ينخرط المرء في تشتيت نفسه أطول مدة ممكنة. حتى هذه الأسئلة لم أكن قادراً على طرحها إلا من حيث كونها رفاهية.” . ❝
❞ “ولأول مرة منذ وقت طويل، شعرت بالألفة تجاه الكائن الهزيل المحدّق نحوي في الانعكاس. لم أكن في أفضل حالاتي بدنياً، لكن كان ثمة مناعة جديدة اكتسبتها مؤخراً، وترسخت في داخلي الآن أثناء عودتي إلى البيت، أكثر من أي وقت مضى؛ مناعة تقتضي بأن أحداً لن يستطيع أن يقف أمام رغباتي متى عقدت العزم على المضي فيها حتى النهاية. هل هذا ما يشعر به المرء حين يمسك زمام قَدَره؟ هل هذا ما يعنيه التحكّم بمصيرك الخاص؟ هل هذا هو تمالك الخراء؟ بمجرد أن دخلت غرفتي في البيت أدركت أن هذا ما يجب التركيز عليه منذ الآن: معارك صغيرة منظّمة، انتصارات شخصية تافهة؛ الطريقة المثلى للاستمرار في المكافحة.” . ❝
❞ “وأذكر مؤخراً أني وجدت في الأخبار تقريراً طبياً عن مرض اسمه متلازمة التعب المزمن، وهو أحد تلك الأمراض التي تشعر بأنك مصاب بها بمجرد أن تسمع بها لأول مرة.” . ❝
❞ “أحياناً أفكر كم من الأشياء كنت سأفعلها بطريقة مختلفة لو كان في وسعي خوض كل هذا من جديد. لكن على المرء ألّا يبدأ بالندم؛ إذا بدأ فلن يتوقّف بعدها أبداً.” . ❝
❞ “كان كل هذا متعارضاً بشدة مع خيالاتي التي تصوّرت بها طريقة خروجي الظافرة من هنا، باستغناء تام وحرية كاملة وقدرة على ركل كل ما يقف في الطريق. لكن يبدو أنه حتى حين يخرج المرء من مكان كهذا فعليه أن يخرج وفق ما يقتضيه النظام، وليس قبل أن يفقد جزءاً من ذاته هناك.” . ❝
❞ “ثمة في داخلي ما راح ينفتح، راغباً في المزيد من الاتصال، كأن نوبة بكاء واحدة كانت كافية لتنقلني إلى هذه المنطقة الرخوة من الوجود. لكني لطالما كنت أفتقر لهذه القدرة على التواصل، حتى مع الله. وانغلاقي هذا لم يكن عفوياً تماماً، بسبب طبيعتي وحدها، بل تطلّب إصراراً من جهتي للمداومة عليه. لقد ولدت منطوياً، ثم كافحت بكل غرائزي الدفاعية، عاماً بعد عام، كي أعزل نفسي أكثر. درّبت نفسي على الاستغناء، وأقصيتها بحائط من الجفاء عن الآخرين، وكأنما سأحميها بهذا من مسببات التأثر. ولا أدري أي قوة ظننت أني أجنيها بهذا طيلة تلك الأعوام، فالحياة لم تكن خفيفة أبداً ولا خالية من الهشاشات، والأشياء ظلت تتراكم على القلب كالرّان، خصوصاً أشدها ضآلة.” . ❝