█ تكملة هديه ﷺ الحج وقف موقفه وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف ثم سار مِن مُزْدَلِفَةَ مُرْدِفَاً للفضل بن عباس وهو يلبي مسيره وانطلق أسامة زيد رجليه سُباقِ قُريش وفي طريقه ذلك أمر ابن يَلْقُط له حَصى الجمار سبع حصياتٍ ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعلُ لا علم عنده ولا التقطها بالليل فالتقط حصيات مِنْ حَصَى الخَذْفِ فجعل يَنْفُضُهُنَّ كَفِّهِ ويَقُولُ ( بأمثال هؤلاء فارموا وإيَّاكُم والغُلُو الدين فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم الغُلُوُّ عَرَضَتْ امرأةٌ خَثعَمَ جَمِيلة فسألته عن عَنْ أَبِيهَا وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّحِلَةِ فَأَمَرَهَا أَنْ تَحُجَّ عَنْهُ وجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَوَضَعَ يَدَهُ وَجْهِهِ وَصَرفَهُ إلى الشق الآخَرِ وكان وَسِيماً فَقِيلَ : صَرَف وجْهَهُ نَظَرِهَا وقيل صَرَفَهُ نَظَرِهِ وَالصَّوابُ إِنَّهُ فَعَلَهُ للأمَرْين فإنه القصة جعل إليها وسأله آخر هنالك أمِّه فقال إِنَّهَا كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ عُمّرَة القَضيَّةِ ...
وكانت في ذي القعدة سنة سبع ، وقال سليمان التيمي: لما رجع رسول الله ﷺ من خيبر ، بعث السرايا ، وأقام بالمدينة حتى استهل ذو القعدة ، ثم نادى في النَّاس بالخروج قال موسى بن عقبة : ثم خرج رسول الله ﷺ من العام المقبل من عام الحديبية معتمراً في ذي القعدة سنة سبع ، وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام ، حتى إذا بلغ يَأجُج ، وضع الأداة كُلَّهَا الحَجَف والمِجَانِّ ، والنبل والرماح ، ودخلوا بسلاح الراكب السيوف ، وبعث رسول الله ﷺ جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة بنت الحارث بن حَزْنِ العامِرِيَّة ، فخطبها إليه ، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب ، وكانت أختها أم الفضل تحته ، فزوَّجَهَا العباس رسول الله ، فلما قدِمَ رسول الله ﷺ أمر أصحابه فقال ( اكْشِفُوا عَنِ المَنَاكِب ، واسْعَوْا في الطَّوَاف ) ، لِيَرَى المُشْرِكُونَ جَلَدَهم وقُوَّتَهم ، وكان ﷺ يكايدهم بكُلِّ ما استطاع ، فوقف أهل مكة : الرجال والنساء والصبيان ، ينظرون إلى رسول الله ﷺ وأصحابه وهم يطوفون بالبيت ، وعبد الله بن رواحة بين يدي رسول الله ﷺ يرتجز متوشحاً بالسيف يقول :
خَلُوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ
في صُحْفِ تُتْلَى عَلَى رَسُولِهِ
يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
إِنِّي رَأَيْتُ الحَقِّ فِي قُبولِهِ
الْيَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهِ
ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
وتغيب رجال من المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله ﷺ حَنَقاً وغيظاً ، فأقام رسول الله ﷺ بمكة ثلاثاً ، فلما أصبح من اليوم الرابع ، أتاه سُهَيْل ابن عمرو ، وحُوطِبُ بنُ عبد العُزَّى ، ورسول الله ﷺ في مجلس الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة ، فصاح حويطب نناشدك الله والعقد لما خَرَجْتَ مِنْ أَرضِنَا ، فقد مضت الثلاث ، فقال سعد بن عبادة : كذبت لا أُمَّ لك ، ليست بأرضك ولا أرض آبائك ، والله لا نخرج ، ثم نادى رسول الله ﷺ حويطباً أو سهيلاً ، فقال ﷺ ( إِنِّي قَدْ نَكَحْتُ مِنْكُم امْرَأَةَ فما يَضُرُّكُم أَنْ أَمْكُتَ حَتَّى أَدْخُلَ بِهَا ، ونَضَعَ الطعام ، فَنَأْكُل ، وَتَأْكُلُونَ مَعَنا ) ، فقالوا : نُنَاشِدَّك الله والعقد إلا خرجت عنا ، فأمر رسول الله ﷺ أبا رافع ، فاذْنَ بالرحيل ، وركب رسول الله ﷺ حتى نزل بطن سرِف ، فأقام بها ، وخلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يُمسي ، فأقام حتى قَدِمَتْ ميمونة ومَنْ معها ، وقد لقوا أذى وعَناءً مِن سُفهاء المشركين وصبيانهم ، فبنى بها بِسَرِف ، ثم أدلج وسار حتَّى قَدِمَ المدينة ، وقدَّر الله أن يكون قبر ميمونة بِسَرِف حيث بنى بها ﷺ . ❝
❞ كان ﷺ إذا دخل على أهلِهِ رُبَّمَا يسألُهم ( هَلْ عِنْدَكُم طَعَامٌ ؟ ) ، وَمَا عَابَ طَعَاماً قط ، بَلْ كَانَ إِذَا اشتِهاهُ أَكَلَهُ ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ وَسَكت ، وربما قال ﷺ ( أجِدُنِي أَعَافُهُ إِنِّي لَا أَشْتَهِيهِ ) ، وكان يمدح الطعام أحياناً ، كقوله لما سأل أهله الإدام ، فقالوا : ما عندنا إِلَّا خَل ، فدعا به فجعل يأكُلُ مِنْهُ ويَقُولُ ( نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُ ) ، وليس في هذا تفضيل له على اللبن واللحم والعسل والمرق ، وإنما هو مدح له في تلك الحال التي حضر فيها ، ولو حَضَرَ لحم أو لبن ، كان أولى بالمدح منه ، وقال هذا جبراً وتطيباً لقلب من قدمه ، لا تفضيلاً له على سائر أنواع الإدام ، وكان ﷺ إذا قُرِّبَ إليه طعام وهو صائم قال ( إنّي صَائِمٌ ) وأمر من قُرْبَ إليه الطعام وهو صائم أن يُصَلِّي ، أي يدعو لمن قدَّمه ، وإن كان مفطراً أن يأكل . ❝
❞ تابع للفتح الأعظم ..
وكانت راية الأنصار يومئذ مع سعد بن عبادة ، فلما مر بأبي سفيان ، قال له : اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ ، اليومَ تُسْتَحلُ الحُرْمَةُ اليَوْمَ أَذَلَّ اللهُ قُرَيْشاً ، فلما حاذى رسول الله ﷺ أبا سفيان ، قال : يا رسول الله ، ألم تسمع ما قال سعد ؟ قالﷺ ( وما قال ) ، فقال : كذا وكذا ، فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف : يا رسول الله ! ما نأمن أن يكون له في قريش صولة ، فقال رسول الله ( بَلِ اليَوْمَ يَوْمَ تُعَظَّمُ الكَعْبَةُ ، اليَوْمَ يَوْمٌ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهَ قُرَيْشَاً ) ، ثم أرسل رسول الله ﷺ إلى سعد ، فنزع منه اللواء ، ودفعه إلى قيس ابنه ، ورأي أن اللواء لم يخرج عن سعد إذ صار إلى ابنه ، ومضى أبو سفيان حتى إذا جاء قريشاً ، صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان ، فهو آمن فقامت إليه هند بنت عتبة ، فأخذت بشاربه ، فقالت : اقتلوا الحميت الدسم ، الأخمش الساقين ، قُبح من طليعة قوم ، قال : ويلكم لا تغرَّنَّكُم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل المسجد ، فهو آمن ، قالوا : قاتلك الله ، وما تغني عنا دارك ، قال : ومن أغلق عليه بابه ، فهو آمن ، ومن دخل المسجد ، فهو آمن ، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد ، وسار رسول الله ﷺ ، فدخل مكة من أعلاها ، وضُرِبَتْ له هنالك قبة ، وأمر رسول الله ﷺ خالد بن الوليد أن يدخلها من أسفلها ، وكان على المُجَنِّبةِ اليُمنى ، وفيها أسلَمَ ، وسُليم ، وغفار ، ومزينة ، وجهينة ، وقبائل من قبائل العرب ، وكان أبو عُبيدة على الرجالة والحُسرِ ، وهم الذين لا سلاح معهم ، وقال لخالد ومن معه : إن عرض لكم أحد من قريش ، فاحصدوهم حصداً حتى توافوني على الصفا ، فما عرض لهم أحد إلَّا أناموه ، وتجمع سفهاء قريش وأخِفَّاؤُها مع عكرمة بن أبي جهل ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو بالخَنْدَمَةِ ليقاتِلُوا المسلمين، فلما لَقِيَهُم المسلمون ناوشوهم شيئاً من قتال ، وقُتل كُرز بن جابر الفهري ، وخنيس بن خالد بن ربيعة من المسلمين ، وكانا في خيل خالد بن الوليد فشذا عنه ، فسلكا طريقاً غير طريقه ، فقتلا جميعاً ، وأصيب من المشركين نحو اثني عشر رجلاً ، ثم انهزموا ، وقال أبو هريرة : قد وبشت قريش أوباشاً لها ، فقالوا : نُقَدِّم هؤلاء ، فإن كان لقريش شيء كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا ، فقال رسول الله ﷺ ( يا أبا هريرة ) ، قلتُ : لبيك يا رسول الله وسعديك ، فقال ﷺ ( اهتف لي بالأنصار ، ولا يأتيني إِلَّا انْصارِي ) ، فهتف بهم ، فجاؤوا ، فأطافوا برسول الله ﷺ ، فقال لهم( أَتَروْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِم ، ثمَّ قال بيديه إحداهما على الأخرى ، احْصُدُوهُم حَصْداً حتّى توافُونِي بالصَّفَا ) ، فانطلقنا ، فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم إلا شاء ، وما أحد منهم وجه إلينا شيئاً ، ورُكِزَتْ راية رسول الله ﷺ بالحَجُونِ عند مسجد الفتح . ❝