█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وليست قيمة الإحسان بكثرة المال؛ إن المال ينفع الفقيرَ ولكنه لاينزع من قلبه النقمة على الحياة ولا يَسْتَلُّ منها بغض الأغنياء ولا يملؤها بالحب. إن الذي يفعل هذا كلَّه هو العطف، وأن تُشعر الفقير بأنه مثلك، وأن تعيد إليه كرامته وعزة نفسه. ورُبّ تحية صادقة تلقيها على سائل أحب إليه من درهم، ودرهم تعطيه فقيرا وأنت تصافحه يكون آثَرَ عنده من دينار تدفعه إليه متكبرا مترفعاً، يدك تمتد إليه بالمال ووجهك يجرّعه كأسَ الإذلال . ❝
❞ حاول أن يكون فعلك مطابقاً لقولك ، و سلوكك مطابقاً لدعوتك .. فإذا غلبتك بشريتك و هزمك هواك في لحظة .. لا تيأس و إنما استنجد و استصرخ ربك .. و قل : الغوث يارب .. يقل لك لبيك عبدي و يخرجك بيده من ظلمة نفسك إلى نور حضرته
فإنك إن كنت أحد عمّال الله في الأرض و أحد سفرائه إلى قلوب الناس .. فإنه سوف يرحمك إذا أخطأت و يغفر لك إذا أسأت و يعيدك إلى الطريق إذا انحرفت .. و سوف يرعاك و يتولاك لأنك من جنده
و حاشيته و خاصته
و لا تيأس مهما بلغت أوزارك و لا تقنط مهما بلغت خطاياك .. فما جعل الله التوبة إلا للخطاة و ما أرسل الأنبياء إلا للضالين و ما جعل المغفرة إلا للمذنبين و ما سمى نفسه الغفار التواب العفو الكريم إلا من أجل أنك تخطئ فيغفر
جدد استغفارك كل لحظة تجدد معرفتك و تجدد العهد بينك و بين ربك و تصل ما انقطع بغفلتك
و اعلم أن الله لا يمل دعاء الداعين .. و أنه يحب السائلين الطالبين الضارعين الرافعي الأكف على بابه .. و إنما يمقت الله المتكبر المستغني المختال المعجب بنفسه الذي يظن أنه استوفى الطاعة و بلغ غاية التقوى و قارب الكمال .. ذلك الذي يكلم الناس من عل و يصافحهم بأطراف الأنامل ..
~~
كتاب / أناشيد الإثم و البراءة
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ في اليوم الثالث بعد الخروج من الغار .. بات الجميع في منطقة وادي لقف.
وهي منطقة توازي "الأبواء" .. التي يمر بها طريق القوافل.
الأبواء!
كان قد مر بها عليه الصلاة السلام قبل ذلك.
قبل ذلك بكثير، قرابة الخمسين عامًا.
كان طفلًا في السادسة، لكن من الصعب على أي طفل أن ينسى ما حدث يومها.
ذكرى كهذه ستبدو دومًا كما لو أنها حدثت للتو.
يومها كان مع أمه عائدين إلى مكة وحيدًا مع بقية القافلة. حدث كل شيء سريعًا مثل طعنة لا تنسى في الذاكرة.
لعل الدليل يومها أشار إلى الأبواء، غربي وادي قلف، حيث باتوا ليلتها.
ولعله عليه الصلاة والسلام نظر إلى الأفق بالاتجاه الذي يضم رفات أمه ... كم تغير كل شيء خلال هذه العقود التي تفصل بين الرحلتين، ها هو يعود إلى يثرب في رحلة مختلفة عن كل ما عرفه العرب...
تراه تذكر المنام الذي رأته أمه يوم أنجبته؟
النور الذي خرج منها ليضيء قصور الشام!
كان النور قد سار ووصل الآن إلى يثرب ... وستبقى مسيرة النور مستمرة إلى أن تضيء مناطق لم تسمع آمنة بوجودها...
لا أتحدث عن قارات ومدن لم تسمع بها، بل عن النور يتوغل في مجاهل النفس البشرية، يضيء حياة آخرين ولدوا بعد قرون مما رأته السيدة آمنة .. يجدون أنفسهم في حياته عليه الصلاة والسلام، في كلمة قالها، في موقف له، في دعاء دعاه ذات شدة، في تسبيحة ذكر قالها وقت رخاء...
مهما كان فهمها لدور ابنها عميقًا ... فلا يمكن أن تكون استوعبت "كل هذا النور"...
بطريقة ما، ما رأته السيدة آمنة لا يمكن له أن يتوقف...
الأحداث تنتهي، تصبح فعلًا ماضيًا لا سبيل لتغيير صيغته...
لكن النور الخارج من تلك الأحداث، سيبقى يسير..
وستبقى سيرة هذا النور مستمرة...
عليه الصلاة والسلام . ❝