❞ الفَتحُ الأعظم ...
وأمر رسول الله ﷺ الناس بالجهاز ، وأمر أهله أن يُجهزوه ، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة الله رضي عنها ، وهي تُحَرِّكُ بعض جهاز رسول الله ﷺ ، فقال : أي بنية ، أمركن رسول الله ﷺ بتجهيزه ؟ قالت : نعم ، فتجهز ، قال : فأين تَرَيْنَهُ يُريد ، قالت: لا والله ما أدري ، ثم إن رسول الله ﷺ أعلم الناس أنه سائر إلى مكة ، فأمرهم بالجد والتجهيز ، وقال ﷺ ( اللَّهُمَّ خُذِ العُيُونَ والأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتَهَا فِي بِلَادِهَا ) ، فتجهز الناسُ ، وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله ﷺ إليهم ، ثم أعطاه امرأة ، وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً ، فجعلته في قرون في رأسها ، ثم خرجَتْ به ، وأتى رسول الله ﷺ الخبرُ مِن السماء بما صنع حاطب ، فبعث ﷺ علياً والزبير ، وغير ابن إسحاق يقول : بعث علياً والمقداد والزبير ، فقال ﷺ ( انطلقا حتى تأتيا رَوْضَة خاخ ، فإنَّ بها ظعينة معها كتاب إلى قريش ، فانطلقا تعادى بهما خَيْلُهما ، حتى وجدا المرأة بذلك المكان ، فاستنزلاها ، وقالا : معك كتاب ؟ فقالت : ما كتاب ، ففتشا رحلها ، فلم يجدا شيئاً ، فقال لها علي - رضي الله عنه -: أحلف بالله ما كذب رسولُ اللهِ ﷺ ولا كذبنا ، والله لَتُخْرِجَنَّ الكِتَابَ أو لنُجَرِّدَنُكِ ، فلما رأت الجدَّ منه ، قالت : أَعْرِض ، فأعرض ، فحلت قرون رأسها ، فاستخرجت الكتاب منها ، فدفعته إليهما ، فأتيا به رسول الله ﷺ ، فإذا فيه : مِن حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله ﷺ إليهم ، فدعا رسول الله ﷺ حاطبا ، فقال : ما هذا يا حَاطِبُ ؟ فقال : لا تَعْجَل عليَّ يا رسول الله ، والله إني لمؤمن بالله ورسوله ، وما ارتددتُ ، ولا بدَّلتُ ، ولكني كنتُ امرءاً ملصقاً في قريش لست من أنفسهم ، ولي فيهم أهل وعشيرة وولد ، وليس لي فيهم قرابة ، يحمونهم ، وكان مَنْ معك لهم قرابات يحمونهم ، فأحببتُ إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ، فقال عُمَرُ بنُ الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنقه ، فإنه قد خانَ الله ورسوله ، وقد نافق ، فقال رسول الله ﷺ ( إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْراً ، وما يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ ، لَعَلَّ اللَّه قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم ) ، فَذَرَفَتْ عَيْنَا عمر وقال : الله ورسوله أعلم ، ثم مضى رسول الله ﷺ وَهُوَ صائم ، والناسُ صيام ، حتى إذا كانوا بالحديد ـ وهو الذي تسميه النَّاسُ اليومَ قُدَيْداً - أفطر وأفطر الناس معه. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ الفَتحُ الأعظم ...
وأمر رسول الله ﷺ الناس بالجهاز ، وأمر أهله أن يُجهزوه ، فدخل أبو بكر على ابنته عائشة الله رضي عنها ، وهي تُحَرِّكُ بعض جهاز رسول الله ﷺ ، فقال : أي بنية ، أمركن رسول الله ﷺ بتجهيزه ؟ قالت : نعم ، فتجهز ، قال : فأين تَرَيْنَهُ يُريد ، قالت: لا والله ما أدري ، ثم إن رسول الله ﷺ أعلم الناس أنه سائر إلى مكة ، فأمرهم بالجد والتجهيز ، وقال ﷺ ( اللَّهُمَّ خُذِ العُيُونَ والأَخْبَارَ عَنْ قُرَيْشٍ حَتَّى نَبْغَتَهَا فِي بِلَادِهَا ) ، فتجهز الناسُ ، وكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله ﷺ إليهم ، ثم أعطاه امرأة ، وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشاً ، فجعلته في قرون في رأسها ، ثم خرجَتْ به ، وأتى رسول الله ﷺ الخبرُ مِن السماء بما صنع حاطب ، فبعث ﷺ علياً والزبير ، وغير ابن إسحاق يقول : بعث علياً والمقداد والزبير ، فقال ﷺ ( انطلقا حتى تأتيا رَوْضَة خاخ ، فإنَّ بها ظعينة معها كتاب إلى قريش ، فانطلقا تعادى بهما خَيْلُهما ، حتى وجدا المرأة بذلك المكان ، فاستنزلاها ، وقالا : معك كتاب ؟ فقالت : ما كتاب ، ففتشا رحلها ، فلم يجدا شيئاً ، فقال لها علي رضي الله عنه : أحلف بالله ما كذب رسولُ اللهِ ﷺ ولا كذبنا ، والله لَتُخْرِجَنَّ الكِتَابَ أو لنُجَرِّدَنُكِ ، فلما رأت الجدَّ منه ، قالت : أَعْرِض ، فأعرض ، فحلت قرون رأسها ، فاستخرجت الكتاب منها ، فدفعته إليهما ، فأتيا به رسول الله ﷺ ، فإذا فيه : مِن حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش يخبرهم بمسير رسول الله ﷺ إليهم ، فدعا رسول الله ﷺ حاطبا ، فقال : ما هذا يا حَاطِبُ ؟ فقال : لا تَعْجَل عليَّ يا رسول الله ، والله إني لمؤمن بالله ورسوله ، وما ارتددتُ ، ولا بدَّلتُ ، ولكني كنتُ امرءاً ملصقاً في قريش لست من أنفسهم ، ولي فيهم أهل وعشيرة وولد ، وليس لي فيهم قرابة ، يحمونهم ، وكان مَنْ معك لهم قرابات يحمونهم ، فأحببتُ إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي ، فقال عُمَرُ بنُ الخطاب : دعني يا رسول الله أضرب عنقه ، فإنه قد خانَ الله ورسوله ، وقد نافق ، فقال رسول الله ﷺ ( إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْراً ، وما يُدْرِيكَ يَا عُمَرُ ، لَعَلَّ اللَّه قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ ، فَقَالَ : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم ) ، فَذَرَفَتْ عَيْنَا عمر وقال : الله ورسوله أعلم ، ثم مضى رسول الله ﷺ وَهُوَ صائم ، والناسُ صيام ، حتى إذا كانوا بالحديد ـ وهو الذي تسميه النَّاسُ اليومَ قُدَيْداً أفطر وأفطر الناس معه . ❝