█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)
" إلا من خطف الخطفة " استثناء من قوله :ويقذفون من كل جانب وقيل : الاستثناء يرجع إلى غير الوحي ، لقوله تعالى : إنهم عن السمع لمعزولون فيسترق الواحد منهم شيئا مما يتفاوض فيه الملائكة ، مما سيكون في العالم قبل أن يعلمه أهل الأرض ، وهذا لخفة أجسام الشياطين فيرجمون بالشهب حينئذ . وروي في هذا الباب أحاديث صحاح ، مضمنها : أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء ، فتقعد للسمع واحدا فوق واحد ، فيتقدم الأجسر نحو السماء ثم الذي يليه ثم الذي يليه ، فيقضي الله تعالى الأمر من أمر الأرض ، فيتحدث به أهل السماء فيسمعه منهم الشيطان الأدنى ، فيلقيه إلى الذي تحته ، فربما أحرقه شهاب ، وقد ألقى الكلام ، وربما لم يحرقه على ما بيناه . فتنزل تلك الكلمة إلى الكهان ، فيكذبون معها مائة كذبة ، وتصدق تلك الكلمة فيصدق الجاهلون الجميع كما بيناه في [ الأنعام ] . فلما جاء الله بالإسلام حرست السماء بشدة ، فلا يفلت شيطان سمع بتة . والكواكب الراجمة هي التي يراها الناس تنقض . قال النقاش ومكي : وليست بالكواكب الجارية في السماء ; لأن تلك لا ترى حركتها ، وهذه الراجمة ترى حركتها ; لأنها قريبة منا . وقد مضى في هذا الباب في سورة [ الحجر ] من البيان ما فيه كفاية . وذكرنا في [ سبأ ] حديث أبي هريرة . وفيه ( والشياطين بعضهم فوق بعض ) وقال فيه الترمذي : حديث حسن صحيح . وفيه عن ابن عباس : ويختطف الشياطين السمع فيرمون ، فيقذفونه إلى أوليائهم ، فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يحرفونه ويزيدون . قال : هذا حديث حسن صحيح . والخطف : أخذ الشيء بسرعة ، يقال : خطف وخطف وخطف وخطف وخطف . والأصل في المشددات اختطف ، فأدغم التاء في الطاء لأنها أختها ، وفتحت الخاء ; لأن حركة التاء ألقيت عليها . ومن كسرها فلالتقاء الساكنين . ومن كسر الطاء أتبع الكسر الكسر .
فأتبعه شهاب ثاقب أي مضيء ، قاله الضحاك والحسن وغيرهما . وقيل : المراد كواكب النار تتبعهم حتى تسقطهم في البحر . وقال ابن عباس في الشهب : تحرقهم من غير موت . وليست الشهب التي يرجم الناس بها من الكواكب الثوابت . يدل على ذلك رؤية حركاتها ، والثابتة تجري ولا ترى حركاتها لبعدها . وقد مضى هذا . وجمع شهاب شهب ، والقياس في القليل أشهبة وإن لم يسمع من العرب ، و " ثاقب " معناه مضيء ، قاله الحسن ومجاهد وأبو مجلز . ومنه قوله :
وزندك أثقب أزنادها
أي : أضوأ . وحكى الأخفش في الجمع : شهب ثقب وثواقب وثقاب . وحكى الكسائي : ثقبت النار تثقب ثقابة وثقوبا إذا اتقدت ، وأثقبتها أنا . وقال زيد بن أسلم في الثاقب : إنه المستوقد ، من قولهم : أثقب زندك أي : استوقد نارك ، قاله الأخفش . وأنشد قول الشاعر :
بينما المرء شهاب ثاقب ضرب الدهر سناه فخمد . ❝
❞ 🔸️الحادية والعشرون : أن فيه صلاة الجمعة التي خُصَّت من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا تُوجد في غيرها من الاجتماع ، والعدد المخصوص ، واشتراط الاقامة والاستيطان ، والجهر بالقراءة ، وقد جاء من التشديد فيها ما لم يأتي نظيره إلا في صلاة العصر ، واجمع المسلمون على أنها فرض عين على كل مسلم . 🔸️الثانية والعشرون : أن فيه الخطبة التي يُقصد بها الثناء على الله وتمجيده ، والشهادة له بالوحدانية ولرسوله بالرسالة ، وتذكير العباد بأيامه ، وتحذيرهم من بأسه ونقمته ، ووصيتُهم بما يُقَرِّبُهم إليه ، وإلى جنانه ، ونهيهم عما يُقربهم من سخطه وناره ، فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها. 🔸️الثالثة والعشرون : أنه اليوم الذي يُستحب أن يتفرغ فيه للعبادة ، وله على سائر الأيام مزية بأنواع من العبادات واجبة ومستحبة ، فالله سبحانه جعل لأهل كل مِلَّةٍ يوماً يتفرغون فيه للعبادة ، ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا ، فيوم الجمعة يوم عبادة ، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور ، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان ، ولهذا من صح له يوم جمعته وسَلِم ، سلمت له سائر جمعته ومن صح له رمضان وسلم ، سَلِمت له سائر سنته ، ومن صحت له حجته وسلمت له ، سَلِمَ له سائر عمره ، فيوم الجمعة ميزان الأسبوع ، ورمضان ميزان العام ، والحج ميزان العمر . 🔸️الرابعة والعشرون : أنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام ، وكان العيد مشتملاً على صلاة وقُربان وكان يوم الجمعة يوم صلاة ، جعل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلاً من القربان ، وقائماً مقامه ، فيجتمع للرائح فيه إلى المسجد الصلاة والقربان كما في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ ، أنه قال ( مَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الأُولى ، فَكَأَنما قرَّب بَدَنَةٌ ، ومَنْ رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ ، فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ في الثَّالِثَةِ ، فَكأَنَّما قَرَّبَ كَبْشَاً أَقْرَنَ) . 🔸️الخامسة والعشرون : أن للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام ، والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع ، كالصدقة في شهر رمضان إلى سائر الشهور . 🔸️السادسة والعشرون : أنه يوم يتجلّى الله عزّ وجلَّ فيه لأوليائه المؤمنين في الجنة ، وزيارتهم له ، فيكون أقربهم منهم أقربهم من الإمام ، وأسبقهم إلى الزيارة أسبقهم إلى الجمعة . 🔸️السابعة والعشرون : أنه قد فُسِّرَ الشاهد الذي أقسم الله به في كتابه بيوم الجمعة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ ( اليَوْمُ المَوْعُودُ : يَوْمُ القِيَامَةِ ، والْيَوْمُ المَشْهُودُ : هو يَوْمُ عَرَفَة ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ ، مَا طَلَعَتْ شَمْسُ ، وَلاَ غَرَبَتْ عَلَى أَفْضَلَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يَدْعُو اللَّهَ فِيهَا بِخَيْرٍ إِلا اسْتَجَابَ لَهُ ، أَوْ يَسْتَعِيدُهُ مِنْ شَرُ إِلا أَعَاذَهُ مِنْهُ ) .🔸️الثامنة والعشرون : أنه اليوم الذي تفزع منه السماوات والأرض ، والجبال والبحار والخلائق كلها الا الإنس والجن ، وفي حديث أبي هريرة عن الرسول ﷺ أنه قال ( لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم افضل من الجمعة ، وما من دابة إلا وهي تفزع ليوم الجمعه إلا هذين الثقلين من الجن والإنس ) . 🔸️التاسعة والعشرون : أنه اليوم الذي ادَّخره الله لهذه الأمة ، وأضلَّ عنه أهل الكتاب قبلهم ، كما في الصحيح ، من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال ( ما طلعتِ الشَّمْسُ ، ولا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ خَيْرٍ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ ، هَدَانَا اللَّهُ لَهُ ، وَضَلَّ النَّاسُ عَنْهُ ، فَالنَّاسُ لَنا فيه تبع ، هُوَ لَنَا ، وَلليَهُودِ يَوْمُ السَّبْت ، ولِلنَّصَارَى يَوْمُ الأحد ) وفي حديث آخر «ذخره اللَّهُ لَنَا» . 🔸️الثلاثون : أنه خيرة الله من أيام الأسبوع ، كما أن شهر رمضان خيرته من شهور العام ، وليلة القدر خيرته من الليالي ، ومكة خيرته من الأرض ، ومحمد ﷽ خيرته من خلقه . ❝
❞ روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: «فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ! أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الجَنَّةَ، أَلَا تَشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا؟ أَلَا تَشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ.. الحديث» . ❝
❞ عن أبي هريرة: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا , وإن الله عز وجل أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين , فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} [المؤمنون: 5] .
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة: 172] ,
قال: ثم ذكر عبدا أشعث أغبر , يطيل السفر , رافعا يديه: يا رب يا رب ومطعمه حرام , ومشربه حرام , وملبسه حرام , وغذي بالحرام , فأنى يستجاب لهذا؟ . ❝