█ كتاب الحق المر مجاناً PDF اونلاين 2024 هو أحد أشهر كتب الداعية والشاعر والمفكر الإسلامي الشيخ محمد الغزالي ويُعد أهم الدعاة القرن العشرين حيث أثرى المكتبة الإسلامية بعشرات الكتب القيمة حتى لُقب بأديب الدعوة لتميز كتاباته بأسلوبها الأدبي الرفيع
❞ وظيفة الأمة
قلت محددا وظيفة الأمة العربية وجامعتها: إن الله ربى محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليربى به العرب، وربى العرب بمحمد ليربى بهم الناس كافة. فلأمتنا رسالة واضحة يجب أن تعمل بها وتدعو إليها، وترفع رايتها وتشعر الأقربين والأبعدين بحقيقتها، وهذا معنى عالمية الإسلام، فليس هو نهضة عربية كما يزعم زاعمون، أو ثورة قومية كما يهرف خراصون .. إنه رحمة الله بالعالمين ، وهدايته للناس أجمعين.
وإذا كان العرب قد انكمشوا فى هذا العصر، وتقطعوا فى الأرض أمما، وصارت كل أمة تسعى وراء القوت وتهتم بحياتها الخاصة فإن ذلك لون من النسيان المخزى إن لم يكن من الارتداد القبيح!!.
وتوجد ـ ولله المنة ـ طوائف ترفض هذا الوضع وتعرف أن الإسلام رسالة عامة خالدة وتقدم آصرة الإسلام على كل آصرة وغايته على كل غاية، والآيات فى القرآن كثيرة على عالمية الرسالة، وعلى أن أمتنا شاهدة الأمم!. كما أن الرسول شاهد علينا أى أننا مبلغون مواريث الوحي كما بلغنا. وشاهدون على الأمم كما أن الرسول شهيد علينا. قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). وجاء فى مكان آخر (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة و ءاتوا الزكاة واعتصموا بالله).
ويحزننى أنى فوجئت بشخص ينكر هذه الحقائق ويحط عن الكواهل أعباء الدعوة العامة ويشغل المسلمين بقضاياهم الخاصة، ويزعم أن الشهادة على الناس فى الآخرة وليست فى الدنيا ويسوق فى ذلك حديثا لم يفهمه، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" يجىء النبى يوم القيامة ومعه الرجل والنبى معه الرجلان. وأكثر من ذلك، فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم هذا؟ فيقولون لا! فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول " نعم! فيقال له من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته! فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم! فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا.! فذلك قوله تعالى : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس..)..
قلت - لمن ساق هذا الحديث - : إنه جاء بإضافة جديدة إلى جانب ما أفادته الآية من أن المسلمين أمة دعوة عامة تتناول الشعوب فى القارات الخمس، هذه الإضافة أننا شهداء على الناس فى الدنيا وفى الآخرة معا، فلا تضارب بين الآيات والحديث إلا فى أذهان المشوشين وذوى البلاهة!.
إن المسلمين ـ ومعهم كتاب الله وسنة رسوله ـ لهم إشراف وأستاذية على الناس الذين يملأون أرجاء العالم، ولا وظيفة لهم إلا الأكل والسفاد، وكما أخرجهم الرسول من الظلمات إلى النور يجب أن يفعلوا ذلك مع الناس ، وسيحق عليهم العقاب إذا تركوا هذه الوظيفة العليا.
. ❝
❞ « أكره أصحاب الغلظة والشراسة، لو كان أحدهم تاجرا واحتجتُ إلى سلعة عنده ما ذهبتُ إلى دكانه ، ولو كان موظفا ولى عنده مصلحة ما ذهبتُ إلى ديوانه، لكن البلية العظمى أن يكون إمام صلاة أو خطيب جمعة أو مشتغلا بالدعوة، إنه يكون فتنة متحركة متجددة يصعب فيها العزاء.
إذا لم يكن الدين خلقا دميثا ووجها طليقا وروحا سمحة وجوارا رحبا وسيرة جذابة فما يكون؟! وقبل ذلك، إذا لم يكن الدين افتقارا إلى الله، وانكسارا فى حضوره الدائم، ورجاء فى رحمته الواسعة، وتطلعا إلى أن يعم خيره البلاد والعباد فما يكون؟!
بعض المصلين تحركه لينتظم فى الصف فكأنما تحرك جبلا! وبعض الوعاظ يتكلم فكأنه وحده المعصوم والناس من دونه هم الخطاءون! وهذا شاب حدث يحسب نفسه مبعوث العناية الإلهية لإصلاح البشرية فهو ينظر إلى الكبار والصغار نظرة مقتحمة جريئة..
إن القلب القاسى والغرور الغالب هما أدل شئ على غضب الله ، والبعد عن صراطه المستقيم... ومن السهل أن يرتدى الإنسان لباس الطاعات الظاهرة على كيان مُلوث وباطن معيب.
لو أن إنسانا عرف معايبى فسترها عن الناس وقصد إلى ليكشف لى أخطائى، ويرجع بى إلى ربى لشكرته ودعوت له! أنه أسدى إلى جميلا، ورحم الله امرءا أهدى إلى عيوبى..
إننى أخاف على نفسى وعلى الناس صياحا فضاحا سفاحا ، يرتقب الغلطة ليثب على صاحبها وثبة الذئب على الشاه، فهو فى ظاهره غيور على الحق ، وفى باطنه وحش لم تقلم التقوى أظافره ، ولم يغسل الإيمان عاره ولا اوضاه.
إنه تحت شعار الإسلام يوجد ناس ليس لهم فقه وليست لديهم تربية، يغترون بقراءات وشقشقات واعتراضات على بعض الأوضاع، ويرون أن الدين كله لديهم وأن الكفر كله عند معارضيهم، فيستبيحون دماءهم وأموالهم وكراماتهم. ما هذا بإسلام وما يخدم بهذا الأسلوب دين من الأديان ».
. ❝