وكان ﷺ يُسَلِّم بنفسه على من يُواجهه ، ويُحَمِّلُ... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ وكان ﷺ يُسَلِّم بنفسه من يُواجهه ويُحَمِّلُ السَّلامَ لمن يُريد السَّلام عليه مِن الغائبين عنه ويتحمل السلام يبلغه إليه كما تحمل الله عز وجل صديقة النساء خديجة بنتِ خويلد رضي عنها لما قال له جبريلُ ( هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ بِطَعَامِ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ ربِّهَا ومِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ الجَنَّةِ ) وقال للصدِّيقة الثانية بنت الصديق عائشة هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه
وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وكان ﷺ يُسَلِّم بنفسه على من يُواجهه
, ويُحَمِّلُ السَّلامَ لمن يُريد السَّلام عليه مِن الغائبين عنه
, ويتحمل السلام لمن يبلغه إليه
, كما تحمل السلام من الله عز وجل على صديقة النساء خديجة بنتِ خويلد رضي الله عنها لما قال له جبريلُ ( هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ بِطَعَامِ
, فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ ربِّهَا
, ومِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ في الجَنَّةِ ), وقال للصدِّيقة الثانية بنت الصديق عائشة رضي الله عنها ( هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ ). ❝
❞ خَبَر المَخَلفون عن تبوك ..
ولما دخل رسول الله ﷺ المدينة قادما من تبوك ، بدأ بالمسجد فصلي فيه ركعتين ، ثم جلس للناس ، فجاءه المخلفون ، فطفِقُوا يعتذرون إليه ، ويحلفون له ، وكانوا بضعةً وثمانين رجلاً ، فقبل منهم رسول الله ﷺ علانيتهم ، وبايعهم ، واستغفر لهم ، وَوَكَل سَرائِرَهم إلى الله ، وجاءه كعب بن مالك ، فلما سلَّم عليه ، تبسم تبسم المُغْضَبِ ، ثم قال له ﷺ ( تعال ) قال : فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي ﷺ ( ما خَلْفَكَ ، ألم تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهرَك ؟ ) فقلتُ : بَلَى إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا ، لرأيتُ أن أخرُجَ مِن سخطه بعُذر ، ولقد أعطيتُ جدلاً ، ولكني والله لقد عَلِمْتُ إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي ، ليوشِكَنَّ اللَّهُ أَن يُسْخِطَكَ عَليَّ ، ولئن حدثتُكَ حَديثَ صِدقٍ ، تَجِدُ علي فيه ، إني لأرجو فيه عفو الله عني ، والله ما كان لي من عذر ، والله ما كنتُ قَط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفتُ عنك ، فقال رسول الله ﷺ ( أما هذا فَقَدْ صَدَقَ ، فَقُم حتى يقضيَ الله فيك ) ، فقمت وثار رجال من بني سلمة ، فاتبعوني يُؤنبوني ، فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا ، ولقد عَجَزْتَ ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله ﷺ بما اعتذر إليه المخلفون ، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله ﷺ لك ، قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردتُ أن أرجع ، فأكذِبَ نفسي ، ثم قلت لهم : هل لقي معي أحد ؟ قالُوا: نعم رَجُلانِ قالا مِثْلَ ما قلت ، فقيل لهما مثل ما قيل لك ، فقلتُ : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع العامري ، وهلال بن أمية الواقفي ، فذكروا لي رجلين صالحين شهدا بدراً فيهما أسوة ، فمضيت حين ذكروهما لي. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ خَبَر المَخَلفون عن تبوك ..
ولما دخل رسول الله ﷺ المدينة قادما من تبوك ، بدأ بالمسجد فصلي فيه ركعتين ، ثم جلس للناس ، فجاءه المخلفون ، فطفِقُوا يعتذرون إليه ، ويحلفون له ، وكانوا بضعةً وثمانين رجلاً ، فقبل منهم رسول الله ﷺ علانيتهم ، وبايعهم ، واستغفر لهم ، وَوَكَل سَرائِرَهم إلى الله ، وجاءه كعب بن مالك ، فلما سلَّم عليه ، تبسم تبسم المُغْضَبِ ، ثم قال له ﷺ ( تعال ) قال : فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي ﷺ ( ما خَلْفَكَ ، ألم تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهرَك ؟ ) فقلتُ : بَلَى إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا ، لرأيتُ أن أخرُجَ مِن سخطه بعُذر ، ولقد أعطيتُ جدلاً ، ولكني والله لقد عَلِمْتُ إن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به علي ، ليوشِكَنَّ اللَّهُ أَن يُسْخِطَكَ عَليَّ ، ولئن حدثتُكَ حَديثَ صِدقٍ ، تَجِدُ علي فيه ، إني لأرجو فيه عفو الله عني ، والله ما كان لي من عذر ، والله ما كنتُ قَط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفتُ عنك ، فقال رسول الله ﷺ ( أما هذا فَقَدْ صَدَقَ ، فَقُم حتى يقضيَ الله فيك ) ، فقمت وثار رجال من بني سلمة ، فاتبعوني يُؤنبوني ، فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا ، ولقد عَجَزْتَ ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله ﷺ بما اعتذر إليه المخلفون ، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله ﷺ لك ، قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردتُ أن أرجع ، فأكذِبَ نفسي ، ثم قلت لهم : هل لقي معي أحد ؟ قالُوا: نعم رَجُلانِ قالا مِثْلَ ما قلت ، فقيل لهما مثل ما قيل لك ، فقلتُ : من هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع العامري ، وهلال بن أمية الواقفي ، فذكروا لي رجلين صالحين شهدا بدراً فيهما أسوة ، فمضيت حين ذكروهما لي . ❝
❞ قالت أم ذَرّ الغفاري : لما حضرت أبا ذر الوفاة بَكَيْتُ ، فقال : ما يُبكيك؟ فقلت : ما لي لا أبكي ، وأنت تموتُ بفلاة من الأرض ، وليس عندي ثوب يسعك كفَناً،د ، ولا یدان لي في تغييبك ؟ ( دفنك ) قال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لنفر أنا فيهم ( لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ منكم بفلاةٍ مِنَ الأرضِ يَشْهَدُه عِصَابَةٌ من المُسلمين ) ، وليس أَحَدٌ من أولئِكَ النَّفَر إلا وقد مات في قريةٍ وجَماعة ، فأنا ذلِكَ الرَّجُلُ ، فَوَاللَّهِ ما كَذَبْتُ ولا كُذِبتُ ، فأبصري الطريق ، فقلت : أنى وقد ذهب الحاج ، وتقطعت الطرُقُ ؟! فقال : اذهبي فتبصري ، قالت : فكنتُ أُسند إلى الكَثِيبِ أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه ، فبينا أنا وهو كذلك ، إذ أنا برجال على رحالهم كأنهم الرَّحَمُ تَخُبُّ بهم رواحِلُهم ، قالت : فأشرتُ إليهم ، فأسرعوا إليَّ حَتى وقفوا عليَّ فقالوا : يا أمةَ الله مالك؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموتُ تكفنونه قالوا ومن هو ؟ قلت : أبو ذر ، قالوا : صاحِبُ رسولِ الله ﷺ ؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال لهم : أبشروا فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لنفر أنا فيهم ( لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ منكم بِفَلاةٍ مِن الأَرضِ يَشْهَدُه عِصَابَةٌ من المؤمنين ) ، وَلَيْسَ مِنْ أُولئِكَ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلَّا وقد هَلَكَ في جَمَاعَةٍ ، والله ما كَذَبْتُ وَلَا كَذِبْتُ ، إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفناً لي أو لامرأتي ، لم أَكُفَّن إِلَّا في ثوب هُوَ لي أو لها ، فإني أنشُدُكُم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميراً ، أو عريفاً ، أو بريداً ، أو نقيباً ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال : أنا يا عم ، أكفنك في ردائي هذا ، وفي ثوبين مِن عَيبتي من غزل أمي ، قال: أنتَ فكفني ، فكفنه الأنصاري ، وقاموا عليه ، ودفنوه في نفر كلهم يمان. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ قالت أم ذَرّ الغفاري : لما حضرت أبا ذر الوفاة بَكَيْتُ ، فقال : ما يُبكيك؟ فقلت : ما لي لا أبكي ، وأنت تموتُ بفلاة من الأرض ، وليس عندي ثوب يسعك كفَناً،د ، ولا یدان لي في تغييبك ؟ ( دفنك ) قال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لنفر أنا فيهم ( لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ منكم بفلاةٍ مِنَ الأرضِ يَشْهَدُه عِصَابَةٌ من المُسلمين ) ، وليس أَحَدٌ من أولئِكَ النَّفَر إلا وقد مات في قريةٍ وجَماعة ، فأنا ذلِكَ الرَّجُلُ ، فَوَاللَّهِ ما كَذَبْتُ ولا كُذِبتُ ، فأبصري الطريق ، فقلت : أنى وقد ذهب الحاج ، وتقطعت الطرُقُ ؟! فقال : اذهبي فتبصري ، قالت : فكنتُ أُسند إلى الكَثِيبِ أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه ، فبينا أنا وهو كذلك ، إذ أنا برجال على رحالهم كأنهم الرَّحَمُ تَخُبُّ بهم رواحِلُهم ، قالت : فأشرتُ إليهم ، فأسرعوا إليَّ حَتى وقفوا عليَّ فقالوا : يا أمةَ الله مالك؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموتُ تكفنونه قالوا ومن هو ؟ قلت : أبو ذر ، قالوا : صاحِبُ رسولِ الله ﷺ ؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال لهم : أبشروا فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول لنفر أنا فيهم ( لَيَمُوتَنَّ رَجُلٌ منكم بِفَلاةٍ مِن الأَرضِ يَشْهَدُه عِصَابَةٌ من المؤمنين ) ، وَلَيْسَ مِنْ أُولئِكَ النَّفَرِ رَجُلٌ إِلَّا وقد هَلَكَ في جَمَاعَةٍ ، والله ما كَذَبْتُ وَلَا كَذِبْتُ ، إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفناً لي أو لامرأتي ، لم أَكُفَّن إِلَّا في ثوب هُوَ لي أو لها ، فإني أنشُدُكُم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميراً ، أو عريفاً ، أو بريداً ، أو نقيباً ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال : أنا يا عم ، أكفنك في ردائي هذا ، وفي ثوبين مِن عَيبتي من غزل أمي ، قال: أنتَ فكفني ، فكفنه الأنصاري ، وقاموا عليه ، ودفنوه في نفر كلهم يمان . ❝
❞ الآنَ حَمِيَ الوَطيس ...
وقال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطلب ، قال : إني لمع رسول الله ﷺ آخذُ بِحَكَمَهِ بغلته البيضاء ، قد شَجَرْتُها بها ، وكنت امرءاً جسيماً شديد الصوت قال : رسُولُ الله ﷺ يقول حين رأى ما رأى من الناس ( إِلى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ ) قال : فلم أرَ الناس يَلْوُون على شيء ، فقال ﷺ ( يا عَبّاسُ اصْرَخ : يا مَعْشَر الأَنْصَارِ ، يَا مَعْشَرَ أَصْحَاب السَّمرَةِ ) ، فأجابوا : لبيك لبيك ، قال : فيذهب الرجلُ ليثني بعيره ، فلا يقدِرُ على ذلك ، فيأخذ درعه فيقذفها في عُنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه وتُرسَه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، ويؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ ، حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة ، استقبلُوا النَّاس ، فاقتتلوا فكانت الدعوة أوَّلَ ما كانت : يا للأنصار ، ثم خلصت آخراً يا للخزرج ، وكانوا صُبَّراً عند الحرب ، فأشرف رسول الله ﷺ في ركائبه ، فنظر إلى مُجتَلد القوم وهم يَجْتَلِدُونَ ، فقال ﷺ ( الآنَ حَمِيَ الوطيس ) ، وفي صحيح مسلم : ثم أخذ رسول الله ﷺ حَصَيَّات ، فرمى بها في وجوه الكُفَّارِ ، ثم قال ( انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ) ، فما هو إلا أن رماهم ، فما زِلْتُ أرى حَدَّهُم كليلاً ، وأمرهم مُدْبِراً ، وذكر ابن إسحاق عن جبير بن مطعم ، قال : رأيت قبل هزيمة القوم ، والناس يقتتلون يومَ حُنين ـ مثل البجادِ الأسود ، أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنطرتُ فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، فلم يكن إلا هزيمة القوم ، فلم أشك أنها الملائكة ، قال ابن إسحاق : ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضُهم بأوطاس ، وتوجه بعضُهم نحو نخلة ، وبعث رسول الله ﷺ في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال ، فُرُمي بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن أخيه فقاتلهم ، ففتح الله عليه ، فهزمهم الله ، وقتل قاتل أبي عامر ، فقال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَعُبَيْدِ أَبي عَامِرٍ وأهله ، واجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ) ، واستغفر لأبي موسى ، ومضى مالك بن عوف حتى تحصن بحصن ثقيف ، وأمر رسول الله ﷺ بالسَّبي والغنائم أن تُجْمَعَ فَجُمِعَ ذلِكَ كُلُّه ، ووجهوه إلى الجِعْرَانَةِ ، وكان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألفاً ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة ، فاستأنی بهم رسول الله ﷺ أن يقدموا عليه مسلمين بضع عشرة ليلة. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ الآنَ حَمِيَ الوَطيس ...
وقال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، عن كثير بن العباس ، عن أبيه العباس بن عبد المطلب ، قال : إني لمع رسول الله ﷺ آخذُ بِحَكَمَهِ بغلته البيضاء ، قد شَجَرْتُها بها ، وكنت امرءاً جسيماً شديد الصوت قال : رسُولُ الله ﷺ يقول حين رأى ما رأى من الناس ( إِلى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ ) قال : فلم أرَ الناس يَلْوُون على شيء ، فقال ﷺ ( يا عَبّاسُ اصْرَخ : يا مَعْشَر الأَنْصَارِ ، يَا مَعْشَرَ أَصْحَاب السَّمرَةِ ) ، فأجابوا : لبيك لبيك ، قال : فيذهب الرجلُ ليثني بعيره ، فلا يقدِرُ على ذلك ، فيأخذ درعه فيقذفها في عُنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه وتُرسَه ، ويقتحم عن بعيره ، ويخلي سبيله ، ويؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله ﷺ ، حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة ، استقبلُوا النَّاس ، فاقتتلوا فكانت الدعوة أوَّلَ ما كانت : يا للأنصار ، ثم خلصت آخراً يا للخزرج ، وكانوا صُبَّراً عند الحرب ، فأشرف رسول الله ﷺ في ركائبه ، فنظر إلى مُجتَلد القوم وهم يَجْتَلِدُونَ ، فقال ﷺ ( الآنَ حَمِيَ الوطيس ) ، وفي صحيح مسلم : ثم أخذ رسول الله ﷺ حَصَيَّات ، فرمى بها في وجوه الكُفَّارِ ، ثم قال ( انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ) ، فما هو إلا أن رماهم ، فما زِلْتُ أرى حَدَّهُم كليلاً ، وأمرهم مُدْبِراً ، وذكر ابن إسحاق عن جبير بن مطعم ، قال : رأيت قبل هزيمة القوم ، والناس يقتتلون يومَ حُنين ـ مثل البجادِ الأسود ، أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنطرتُ فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، فلم يكن إلا هزيمة القوم ، فلم أشك أنها الملائكة ، قال ابن إسحاق : ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضُهم بأوطاس ، وتوجه بعضُهم نحو نخلة ، وبعث رسول الله ﷺ في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري ، فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال ، فُرُمي بسهم فقتل ، فأخذ الراية أبو موسى الأشعري ، وهو ابن أخيه فقاتلهم ، ففتح الله عليه ، فهزمهم الله ، وقتل قاتل أبي عامر ، فقال رسول الله ﷺ ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَعُبَيْدِ أَبي عَامِرٍ وأهله ، واجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ ) ، واستغفر لأبي موسى ، ومضى مالك بن عوف حتى تحصن بحصن ثقيف ، وأمر رسول الله ﷺ بالسَّبي والغنائم أن تُجْمَعَ فَجُمِعَ ذلِكَ كُلُّه ، ووجهوه إلى الجِعْرَانَةِ ، وكان السبي ستة آلاف رأس ، والإبل أربعة وعشرين ألفاً ، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة ، وأربعة آلاف أوقية فضة ، فاستأنی بهم رسول الله ﷺ أن يقدموا عليه مسلمين بضع عشرة ليلة . ❝