█ كان ﷺ إذا أتى باب قوم لم يسْتَقْبِلِ البابَ مِن تلقاء وجهه ولكن رُكنه الأيمن أو الأيسر فيقول ( السَّلَامُ عَلَيْكُم عَلَيْكُمْ ) كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 من تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وقَالَﷺ ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بالسِّهُم الوَاحِدِ الجَنَّةَ : صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ ، والمُمِدَّ به ، والرَّامِيَ بِهِ ، وارْمُوا وَارْكَبُوا ، وأَنْ تَرمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَركَبُوا ، وكُلِّ شَيْءٍ يَلْهُو به الرجلُ فباطل ، إلَّا رَمْيه بقوسه ، أو تأديبه فرسه ، وملاعبته امرأته ، ومَنْ علمه الله الرّمي، فتركه رغبةً عنه ، فنِعْمَةٌ كفرها ) . ❝
❞ غزوة الغابة ..
ثم أغار عيينة بن حضنِ الفَزَارِيُّ في بني عبد الله ابن غُطَفَانَ على لِقَاحِ النبي ﷺ التي بالغابة ˝ وهو موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة ) ، فاستاقها ، وقتل راعيها رجل عُسفان ، واحتملوا امرأته ، فجاء الصريح ، ونودي : يا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي ، وكان أول ما نُودِي بها ، ورَكِبَ رسول الله ﷺ مُقنعاً في الحديد ، فكان أول مَنْ قدم إليه المقداد بن عمرو في الدرع والمِغْفَرِ ، فَعَقَدَ له رسول الله ﷺ اللواء في رمحه ، وقال ﷺ ( امض حتى تلحقك الخيولُ ، إِنَّا عَلَى أَثَرِكَ ) ، واستخلف رسول الله ﷺ ابن أم مكتوم ، وأدرك سلمة ابن الأكوع القوم ، وهو على رجليه ، فجعل يرميهم بالنبل ويقول :
خُذهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَع ... واليَوْمُ يَوْمُ الرُّضْع ˝ يعني يوم هلاك اللئام ) حتى انتهى إلى ذي قَرَدٍ وقد استنقذ منهم جميع اللقاح وثلاثين بُردة ، قال سلمة : فَلَحِقَنَا رَسُولُ الله ﷺ والخيل عشاء ، فقلت : يا رسولَ اللَّهِ ! إن القومَ عطاش ، فلو بعثتني في مئة رجل استنقذتُ ما في أيديهم من السرح ، وأخذتُ بأعناق القوم ، فقال رسول الله ﷺ ( مَلَكت فَاسْجِحْ ، ثم قال ( إِنَّهُم الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي غَطَفَان ) ،وذهب الصريخ بالمدينة إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ولم تزل الخيلُ تأتي ، والرجال على أقدامهم وعلى الإبل ، حتى انْتَهَوْا إلى رسول الله ﷺ بِذِي قَرَدٍ واستنقذوا اللقَاحَ كُلها ، ولفظ مسلم في صحيحه عن سلمة : حتى ما خلق اللهُ مِن شيءٍ مِن لقاح رسول الله ﷺ إلا خلفته وراء ظهري ، واستلبتُ منهم ثلاثين بُردَّة . ❝
❞ ويقول كعب بن مالك: لبثت بعد ذلك عشر ليالٍ حتى كَمُلَت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله ﷺ و عن كلامنا ، فلما صليت صلاة الفجر صُبحَ خمسين ليلة على سطح بيت من بيوتنا ، بينا أنا جالس على الحال التي أذكر الله تعالى ، وقد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحُبت ، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سَلع بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر ، فخررتُ ساجداً ، فعرفت أن قد جاء فرج من الله ، وآذن رسول الله ﷺ بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناسُ يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض إليَّ رجل فرساً ، وسعى ساع من أسلم ، فأوفى على ذروة الجبل ، وكان الصوتُ أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعتُ له ثوبيَّ فكسوتُه إياهما ببشراء ، والله ما أملك غيرهما ، واستعرتُ ثوبين ، فلبستهما ، فانطلقت إلى رسول الله ﷺ فتلقاني الناسُ فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة يقولون : ليهنك توبه الله عليك ، قال كعب : حتى دخلت يُهرول حتى صافحني وهناني ، والله ما قام إلي رجل المهاجرين غيره ، ولست أنساها لطلحة ، فلما من سلمتُ على رسول الله ﷺ ، قال وهو يَبْرُقُ وجهه من السرور ( أَبْشِرْ بِخَيْر يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ ) ، قال : قلتُ: أمن عندك يا رسول الله ، أم من عند الله ؟ قال ﷺ ( لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) ، وكان رسول الله ﷺ إذا سُرِّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه فلما جلستُ بين يديه ، قلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله ، وإلى رسوله ﷺ ، فقال ( أمسكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ) ، قلت : فإني أُمْسِك سهمي الذي بخيبر ، فقلتُ : يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيتُ ، فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا ما أبلاني ، والله ما تعمدت بعد ذلك إلى يومي هذا كذباً ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيتُ ، فوالله ما أنعم الله على نعمة قط بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله ﷺ ، أن لا أكون كذبته فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا ، وقال كعب : وكان تخلفنا أيُّها الثلاثة من أمر أولئك الذين قَبِلَ منهم رسول الله ﷺ حين حلفوا له ، فبايعهم ، واستغفر لهم ، وأرجأ أمرنا حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِفُوا } ، وليس الذي ذكر الله مما خُلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيَّانا ، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه . ❝