█ وكان ﷺ يقرأ الفجر بنحو ستين آية إلى مائة وصلاها بسورة (ق) بـ (الروم) (إذا الشمس كورت) زلزلت) الركعتين كليهما (المعوذتين) وكان السفر فافتتح (سورة المؤمنين) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون الركعة الأولى أخذته سَعلَة فركع يصليها يوم الجمعة (ألم تنزيل السجدة) وسورة (هل أتى الإنسان) كاملتين ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم قراءة بعض هذه وبعض وقراءة السجدة وحدها وهو خلاف السنة وأما يظنه الجهال أن صبح فضل بسجدة فجهل عظيم ولهذا كره الأئمة سورة لأجل هذا الظن وإنما كان هاتين السورتين لما اشتملتا عليه المبدا والمعاد وخلق آدم ودخول الجنة والنار وذلك مما ويكون فكان فجرها ذلك تذكيراً للأمة بحوادث كما المجامع العظام كالأعياد والجمعة (واقتربت) (سبح) (الغاشية) كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف الكتب أثناء تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ غزوة الغابة ..
ثم أغار عيينة بن حضنِ الفَزَارِيُّ في بني عبد الله ابن غُطَفَانَ على لِقَاحِ النبي ﷺ التي بالغابة ˝ وهو موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة ) ، فاستاقها ، وقتل راعيها رجل عُسفان ، واحتملوا امرأته ، فجاء الصريح ، ونودي : يا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي ، وكان أول ما نُودِي بها ، ورَكِبَ رسول الله ﷺ مُقنعاً في الحديد ، فكان أول مَنْ قدم إليه المقداد بن عمرو في الدرع والمِغْفَرِ ، فَعَقَدَ له رسول الله ﷺ اللواء في رمحه ، وقال ﷺ ( امض حتى تلحقك الخيولُ ، إِنَّا عَلَى أَثَرِكَ ) ، واستخلف رسول الله ﷺ ابن أم مكتوم ، وأدرك سلمة ابن الأكوع القوم ، وهو على رجليه ، فجعل يرميهم بالنبل ويقول :
خُذهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَع ... واليَوْمُ يَوْمُ الرُّضْع ˝ يعني يوم هلاك اللئام ) حتى انتهى إلى ذي قَرَدٍ وقد استنقذ منهم جميع اللقاح وثلاثين بُردة ، قال سلمة : فَلَحِقَنَا رَسُولُ الله ﷺ والخيل عشاء ، فقلت : يا رسولَ اللَّهِ ! إن القومَ عطاش ، فلو بعثتني في مئة رجل استنقذتُ ما في أيديهم من السرح ، وأخذتُ بأعناق القوم ، فقال رسول الله ﷺ ( مَلَكت فَاسْجِحْ ، ثم قال ( إِنَّهُم الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي غَطَفَان ) ،وذهب الصريخ بالمدينة إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ولم تزل الخيلُ تأتي ، والرجال على أقدامهم وعلى الإبل ، حتى انْتَهَوْا إلى رسول الله ﷺ بِذِي قَرَدٍ واستنقذوا اللقَاحَ كُلها ، ولفظ مسلم في صحيحه عن سلمة : حتى ما خلق اللهُ مِن شيءٍ مِن لقاح رسول الله ﷺ إلا خلفته وراء ظهري ، واستلبتُ منهم ثلاثين بُردَّة . ❝
❞ لقد وَسَّع الله على عباده غاية التوسعة في دينه ورزقه وعفوه ومغفرته فبسط عليهم التوبة ما دامت الرُّوح في الجسد وفتح لهم بابًا لها لا يغلقه عنهم إلى أن تطلع الشمس من مغربها ، وجعل لكل سيئة كفارةً تكفِّرُها من توبةٍ أو صدقةٍ أو حسنة ماحية أو مصيبة مكفِّرة ، وجعل لِكُلِّ ما حرَّم عليهم عوضًا من الحلال أنفعَ لهم منه وأطيبَ وألذَّ يقوم مقامه ليستغني
العبدُ عن الحرام ويسعه الحلالُ فلا يَضِيق عنه ، وجعل لكل عُسرٍ يمتحنهم به يُسْرًا قَبله ويسرًا بعده ، فلن يغلب عسرٌ يُسرَين ، فاذا كان هذا شأنه مع عباده فكيف يكلِّفهم ما لا يسعهم ، فضلًا عمَّا لا يطيقونه ولا يقدرون عليه ؟! . ❝
❞ قدوم وفد تُجَيب على رسول الله ﷺ ..
قَدِمَ عليه وقد تُجيب ( بطنٌ من كِندة ) ، وهم من السَّكُونِ ، ثلاثة عشر رجلاً قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم ، فَسُرَّ رسول الله ﷺ بهم ، وأكرم منزلهم ، وقالوا يا رسول الله ! سقنا إليك حق الله في أموالنا فقال رسول الله ﷺ ( رُدُّوها ، فَاقْسِمُوها على فُقَرَائِكُم ) قالوا : يا رسول الله ! ما قدمنا عليك إلا بما فَضَل عن فقرائنا ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ما وفَدَ مِن العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تُجيب ، فقال رسول الله ﷺ ( إِنَّ الهُدَى بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْراً شَرَحَ صَدْرَهُ للإيمَان ) ، وسألوا رسول الله ﷺ أشياء ، فكتب لهم بها ، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن ، فازداد رسول الله ﷺ بهم رغبة ، وأمر بلالاً أن يُحسن ضيافتهم ، فأقاموا أياماً ، ولم يطيلوا اللبث فقيل لهم : ما يُعجبكم ؟ فقالوا : نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله ﷺ وكلامنا إياه ، وما رد علينا ، ثم جاؤوا إلى رسول الله ﷺ يُودِّعُونه ، فأرسل إليهم بلالاً ، فأجازهم بأرفع ما كان يُجيز به الوفود ، قال ﷺ ( هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ ؟ ) قالوا : نعم غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثنا سناً ، قال ﷺ ( أرسلوه إلينا ) ، فلما رجعوا إلى رحالهم قالوا للغلام : انطلق إلى رسول الله ﷺ فاقض حاجتك منه ، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه ، فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله ! إني امرؤ من بني أبْذى ، يقول : من الرهط الذين أتوك آنفاً ، فقضيت حوائجهم ، فاقض حاجتي يا رسول الله ، قال ﷺ (وما حاجتك؟ ) قالَ : إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي ، وإن كانوا قَدِمُوا راغبين في الإسلام ، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم ، وإني والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني ، وأن يجعل غناي في قلبي ، فقال رسول الله ﷺ وأقبل إلى الغلام ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وارْحَمْهُ ، وَاجْعَلْ غناه في قَلْبِهِ ) ، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه ، فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ، ثم وافوا رسول الله ﷺ في الموسم بمنى سنة عشر ، فقالوا : نحن بنو أبذى ، فقال رسول الله ﷺ ( ما فَعَلَ الغُلامُ الَّذِي أتاني مَعَكُم ؟ ) قالوا : يا رسول الله ! ما رأينا مثله قط ، ولا حُدثنا بأقنع منه بما رزقه الله لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها ، فقال رسول الله ﷺ ( الحَمْدُ للهِ إني لأرْجُو أَنْ يَمُوتَ جَمِيعاً ) ، فقال رجل منهم : أو ليس يموتُ الرجلُ جميعاً يا رسول الله ؟ فقال رسول الله ﷺ ( تَشَعْبُ أَهْوَاؤه وهُمُومُه فِي أَوْدِيَةِ الدُّنْيَا ، فَلَعَلَّ أَجَلَهُ أَنْ يُدرِكَهُ فِي بَعْضٍ تِلْكَ الْأَوْدِيَةِ فلا يُبالي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيْها هَلَكَ ) ، قالوا : فعاش ذلك الغلامُ فينا على أفضل حال ، وأزهده في الدنيا ، وأقنعه بما رزق ، فلما توفي رسول الله ﷺ ، ورجع مَنْ رجع من أهل اليمن عن الإسلام ، قام في قومه ، فذكرهم فلم يرجع منهم أحد ، وجعل أبو بكر الصديق يَذْكُره ويسأل عنه حتى بلغه حاله ، وما قام به ، فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيراً . ❝