█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ عندما كنت طبيبا فى وحدة ريفية، رأيت حالة فتاة تعرضت يدها لالتهاب شديد فامتلأت بالصديد. كان علىّ أن أشق الجلد وأخرج هذا الصديد طبقا للقاعدة القديمة: حيثما يوجد صديد فلا بد من التخلص منه. قمت بهذا واستخرجت كميات كبيرة فعلا من الصديد جعلتنى أتِيه فخرا بنفسى. على أن فرحتى لم تدم طويلا.. لقد عادت الفتاة بعد ثلاثة أيام وقد ارتفعت درجة حرارتها بتلك الطريقة المحمومة المجنونة التى تدل على وجود صديد مضغوط، وكانت ترتعش، وأدركت أن التهابا أقوى كاد يدمر يدها. هكذا حملت خيامى ورحلت كما يقول الأعراب، وأخذتها لجراح بارع فى المستشفى الجامعى. رأى ما قمت به فقال ضاحكا «المشكلة هى أن قلبك رهيف جدا ولا تملك الشجاعة اللازمة.. كان عليك أن تفتح أنسجة أكثر وتمزق أكثر وتتوغل أكثر». وذكّرنى كذلك بقاعدة أهم هى أن عدوى اليد خطرة جدا، ولا يجب التهاون معها بأى حال. القاعدة الأخيرة هى أنه يجب العمل تحت مخدر عام، لأن الفتاة لن تتحمل ما سيحدث
وفى ذهول رحت أراقبه وهو يُولج مبضعه، فيمزق الحواجز الصفاقية ويخترق أقسام اليد.. ورأيت أنهارا من الصديد تتدفق. كل هذا كان بالداخل وأنا بقلة خبرتى حسبت أننى أجدت التنظيف. وعندما ضمد الجرح ووضع الفتيل، كانت حرارة الفتاة قد هبطت فعلا.. وبعد يومين كانت ضحكتها تشرق كالشمس
تذكرت هذا الموقف وأنا أرى ما وصل إليه حالنا اليوم بسبب الثورة التى لم تكتمل. لقد نجح الثوار فى أن يزيلوا الكثير جدا من الصديد وحبسوه فى طرة، لكن ما زال هناك الكثير جدا منه.. صديد يحتاج إلى جراح محترف، ويحتاج إلى قسوة وإلى حزم.. وهى عملية غير محببة للجراح ولا المريض معا. يجب أن يعترف المرء بأنه كان مخطئا عندما اعتقد أن النهاية السعيدة جاءت يوم 11 فبراير 2011، والحقيقة أنها كانت البداية، وكان يجب أن يستمر كل شىء إلى أن يتحقق ما يريده الثوار. الخلاص من قمة الدمل لا يعنى أنه لم يعد هناك صديد.. ليس هذا هو الخطأ الوحيد على كل حال
من حين لآخر يكتشف المرء أنه كان مخطئا بشدة، وأنه أحسن الظن فى أمور كان الشك أقل ما يجب فيها، وتفاءل حيث ينبغى أن يكتفى سواه بابتسامة جانبية حذرة. وعزائى الوحيد هو أننى لست محللا سياسيا أو استراتيجيا، وإنما أنا مجرد مواطن يقرأ الصحف ويحب هذا البلد. هكذا كتبت مرارا عن أننى أعتبر حكومة عصام شرف من أصدق وأكفأ الحكومات التى عرفتها مصر.. كان هذا منذ زمن بعيد، أما اليوم فلم أتخل عن قناعة أنها (من أصدق)، لكن موضوع (أكفأ) هذا قد انتهى منذ زمن، ومن الواضح تماما أن هذه الحكومة الواهية تتعرض لضغوط عنيفة من كل الجهات، والأسوأ أنها تستجيب لأى ضغط. أتذكر كذلك فى قلق أن الدولتين الوحيدتين اللتين يحكمهما مجلس عسكرى أو (خونتا) فى العالم اليوم هما مصر وجزر فيجى!ـ
هذا بلد عظيم يستحق ما هو أفضل بكثير، ولا أعرف السبب فى استحالة أن نملك رئيسا منتخبا وبرلمانا وتداول سلطة وصحافة وإعلاما حرّين.. هل نحن لا نستحق هذا؟ أم أن مصر أهم من أن تحظى بهذا؟
قررت أن أقرأ قليلا لأتناسى هذه الهواجس، ولسبب ما عدت إلى رواية (البصيرة) للكاتب البرتغالى الحاصل على نوبل (خوزيه ساراماجو). كنت قد بدأت كتابة رواية اسمها (أيام الشهاب الأولى) منذ أعوام، كتبتها بتردد قاتل لدرجة كتابة سطرين أو ثلاثة كل أسبوع. لما بدأت الرواية تتخذ كيانا ملموسا فوجئت برواية (الطوف الحجرى) لساراماجو التى تحكى نفس الحبكة تقريبا، ولو أنهيت روايتى فمن المستحيل أن يصدق أحد أننى لم أسرقها من ساراماجو. هكذا تخلصت من روايتى آسفا، وإن سرّنى أن فكرة لى اقتربت من أفكار هذا الأديب العظيم. لن أعطى أى بيانات عن رواية (البصيرة) والدار التى نشرتها، لسبب بسيط هو أنها مترجمة ترجمة رديئة فعلا، وقراءتها عذاب حقيقى. لا بد أن تعيد صياغة كل جملة فى ذهنك لتصير مستساغة
صدرت الرواية عام 2004 بعد جائزة نوبل، وهى تمتاز كمعظم روايات ساراماجو بروح من السخرية والعبث والفانتازيا. يقولون إنها تكملة لرواية سابقة هى (العمى) التى لم أقرأها بصراحة، لكنها تحكى عن بلد فقد أهله جميعا البصر ما عدا امرأة واحدة
تبدأ رواية (البصيرة) بجملة صادمة: قال الكلب.. هيا بنا نعوى!
لا بد أن نثور.. لقد خلقنا من أجل هذا
تدور الرواية حول لجنة اقتراع فى بلد غير محدد المعالم.. يمكن أن يكون مصر أو البرتغال. هناك مشكلة بسيطة هى أن أحدا لم يذهب إلى صناديق الاقتراع حتى المساء، ثم يخرجون من بيوتهم تحت الأمطار الغزيرة -ليثبتوا أن الطقس لم يمنعهم- ويدلون بأصواتهم
عندما يتم الفرز نكتشف أن معظم الأصوات غير صالحة.. معظم الناخبين وضع أوراقا بيضاء فى صناديق الاقتراع. بمعنى أدق هم ذهبوا إلى اللجان بحماس غريب، ولكنهم لم يختاروا أى حزب.. لا اليمين ولا الوسط ولا اليسار. وهذه الظاهرة لا يبدو أنها تمت بناء على اتفاق. على فكرة بدأت موضة من الأصوات البيضاء فى أوروبا بعد هذه الرواية. عندما تعاد الانتخابات تتكرر هذه الظاهرة المحيرة. عصيان فانتازى يرفض الجميع.. وكما هى العادة لدى كل هذه الحكومات، فإنهم لا يعتقدون أن الشعب يتصرف من تلقاء نفسه.. لا بد من يد خفية تنظم هذا كله. وتقرر الحكومة أن تحاصر العاصمة وتنشئ عاصمة جديدة، بينما تترك العاصمة القديمة نهبا للجوع والمعاناة
عندما تقرر الحكومة أن تتهم شخصا ما فإنها تجد أن أفضل شخص هو المرأة التى ظلت مبصرة فى رواية (العمى). ويدور تحقيق معها بمعرفة ضابط كبير من الحزب الحاكم أرسله وزير الداخلية.. الضابط يكتشف أن المتهمة بريئة فعلا، ويتعاطف معها، والنتيجة هى أنه يدفع حياته ثمنا
تنتهى الرواية بطلقة تقتل الكلب الذى يعوى بسبب وفاة صاحبته، فيقول أحد العميان «الحمد لله.. أنا أكره عواء الكلاب»! إن العميان لا يكتفون بلذة فقد البصر بل يطمعون كذلك فى لذة الصمت. الناس فى مدينة ساراماجو كانوا محظوظين رغم كل شىء، لأنهم امتلكوا القدرة على الاختيار، بل واختيار عدم الاختيار.. أما نحن فننتظر.. ننتظر ونعتصر بعض قطرات الصديد من الدمل فى كل جمعة. ومن جديد أكره الاعتراف بأننى كنت مخطئا لكنها الحقيقة
#أحمد_خالد_توفيق
بصيرة ساراماجو . ❝
❞ لم يخبرنا أحد قبل الزواج أن الحب يشبه البنك، نقوم كل يوم بعمليات (سحب وإيداع) وعليه نحتاج أن نودع من رقة مشاعرنا، وجميل سلوكنا، وتفهمنا الشيء الكثير كي يجبر كسر أي سحوبات يمكن أن تجري ونحن واقعين تحت الضغوط والأزمات . ❝
❞ تناول الكثير من الأمور المتعلقة بالزواج وأحكامه المختلفة، ويتناول آداب الزفاف بأسلوب سلس، وهو كتاب شامل، قد جمع فيه المؤلف كل ما ورد من أحاديث صحيحة في الزفاف، ويسرد علينا العلامة محمد ناصر الدين الألباني مجموعة من الآداب والخطوات التي يجي أن يقوم بها كل من مقبل على الزواج (قبل واثناء وما بعد الزفاف)، وتبرز قيمة هذا الكتاب من أنه مقتبس من السنة النبوية ومن آيات القرآن الكريم، أي من الوحي اليقيني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتبرز قيمته أيضًا عندما ينظر المرء المسلم حوله ويرى ما انتشر من بدع وخرافات خصوصًا في مسائل الزواج . ❝
❞ سألني أحدهم عن علاقتي بـ شخص ما كان من المقربين لـ قلبي، فـ قلت ˝ أنهيت علاقتي به ˝ فـ بدأت الكثير من الأتهامات عليّ، أتهام بـ القسوة، الأنانية، وإنني شخص لا يحافظ على علاقته بـ أحبائه..
المشكلة لم تكن في كل هذه الأتهامات بل كانت في الكواليس التي لا يعرفها أحد، أنا شخص لا يهوى طرق الفراق إلا بعد أن يرى من الطرف الأخر تمهيده لـ هذا الطريق، أنا شخص لا يرحل بـ سهولة ويعاتب حين تزعجه تصرفات الطرف الأخر لأيماني أن العتاب جزء من المحبة، لكنني أتوقف عن العتاب وأسلك طريق الرحيل حين أتأكد إن لا جدوى من العتاب، يعز عليّ أن أنهي علاقتي بـ شخص جمعتني به الكثير من الذكريات والتفاصيل، لكن يعز على نفسي البقاء وأنا لا أشعر بـ تقدير الأشياء الجميلة التي أقدمها لذلك أسلك طرق الرحيل، تؤلمنني الرحيل عن أشخاص تمنيت بقائهم طويلاً لكن يؤلمنني أكثر البقاء في علاقة لا أشعر فيها بـ الحب الذي أحتاجه، أن لا يبادلني الحب ومستعدًا للتضحية بكل شيء من أجلي، يدافع عني في ضعفي ويشد بيدي في لحظات ضعفي، ويواسيني في مأساتي تمامًا كما أفعل معه، أن أكون الأختيار الأول لطرف هو الأختيار الأول بالنسبة لي..
يعز على المرء أن يسلك طرقًا لا يريدها..
لكن أحيانًا النهاية تكون طوق النجاة بالنسبة له . ❝
❞ ˝مخيفة تلك اللحظات التي نعيشها ولا نعلم أنها ستكون آخر عهد لنا بلقاء شخص قبل موته؟! فكيف تأتي لحظة تكون فيها الضحكة الأخيرة، والمزحة الأخيرة، والحكاية الأخيرة؟!˝.
خرجت شيرين إلى شرفتها ونظرت -كعادتها- إلى السماء، تتأمل النجوم والقمر، الذي تحدثت إليه وشكت وبكت كثيرًا، وانتظرت منه ردًا! واليوم كانت المفاجأة عندما رد القمر عليها بعد سنوات عجاف من الصمت:
نعم أنا القمر، يخالني الجميع صخرًا، لكنني أشد لينًا من بني البشر القاسية قلوبهم، سنوات مرت وأنا أنصت للجميع، وأبكي معهم كل ليلة، الكثير تغزلوا بي، وشبهوا أحبابهم بي، أعطيهم الضياء والونس، ولا أرى إلا دموعهم وعودتهم مخذولين من أحباب طالما وصفوهم بالقمر! ولا ذنب لي أبدًا غير أني شاهد على حبهم وفراقهم، وفرحهم وحزنهم، أشاهد في صمت كاد يقتلني، والآن جئت لأسرد الكثير لكِ، لا تتعجبي أنتِ لا تحلمين، أنا القمر وجئت لأقول لكِ، لا تبكي ولا تحزني وقري عينًا، فالله معكِ والقلب الذي تعذب كل ذاك العذاب لن يُترك دون عوضٍ جميلٍ، الفرح آتٍ لا محالة، ولكن صبرًا! انتبهت شيرين من شرودها وتأملاتها التي لا تنتهي، كل ليلة تجلس في شرفتها، تقرأ وتتأمل حتى يغلبها النوم!
في الصباح تستيقظ شيرين مفزوعة على صراخ والدتها، تنهض مسرعة إلى خارج غرفتها، تتجه إلى غرفة والدها المريض برعب تتطلع إليه، لتجد والدها بفراشه، فيذهب روعها قليلاً، تنظر إلى والدتها مستفسرة بقلق عن سبب الصراخ، من بين دموعها تجيبها: أحمد ابن خالتك مات!
يصيبها الفزع، تبكي بشدة وترتمي في حضن والدتها، تواسي كلتاهما الأخرى، تتجهان إلى شقة خالتها التي تسكن في الشارع الخلفي، كان وقع الصدمة شديدًا على خالتها مما جعلها تقع على الأرض فاقدة الوعي لفترة من الزمن ليصاب الجميع حولها بالهلع والخوف . ❝