❞ لا سبيل لمعرفة المكان المطلق لأي شيء، في أحسن الأحوال نقدّر موضعه نسبةً إلى كذا وكذا، يستحيل ذلك لأن ˝كذا وكذا˝ في حالة حركة أيضاً! هناك استثناء واحد ندرك فيه الحركة المطلقة اللحظة التي تفقد الحركة انتظامها فتتسارع/تتباطأ، ندرك أن القطار الذي نركبه بالفعل متحرك قد يتضاعف الكون حولنا لعشرات وملايين الأضعاف لكننا لن نشعر بذلك لأن النسب الحجمية تظل محفوظة ولأن نسبة كل حركة للحركة بجوارها ثابتة. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ لا سبيل لمعرفة المكان المطلق لأي شيء، في أحسن الأحوال نقدّر موضعه نسبةً إلى كذا وكذا، يستحيل ذلك لأن ˝كذا وكذا˝ في حالة حركة أيضاً! هناك استثناء واحد ندرك فيه الحركة المطلقة اللحظة التي تفقد الحركة انتظامها فتتسارع/تتباطأ، ندرك أن القطار الذي نركبه بالفعل متحرك قد يتضاعف الكون حولنا لعشرات وملايين الأضعاف لكننا لن نشعر بذلك لأن النسب الحجمية تظل محفوظة ولأن نسبة كل حركة للحركة بجوارها ثابتة . ❝
❞ العروبة والاسلام في دارفور في العصور الوسطى، تلك العصور التي انتهت بعد قيام سلطنة الفور الاسلامية في هذا الاقليم بقليل، وذلك حسب تقسيم الغربيين لعصور التاريخ، ولم يكن قيام هذه السلطنة في الواقع إلا تتويجا لحركة انتشار الاسلام وازدياد الطابع العربي لهذا الاقليم، نتيجة لتدفق قبائل عربية عديدة عليه في القرون الثلاثة الأخيرة من العصور الوسطى. ❝ ⏤د. رجب محمد عبد الحليم
❞ العروبة والاسلام في دارفور في العصور الوسطى، تلك العصور التي انتهت بعد قيام سلطنة الفور الاسلامية في هذا الاقليم بقليل، وذلك حسب تقسيم الغربيين لعصور التاريخ، ولم يكن قيام هذه السلطنة في الواقع إلا تتويجا لحركة انتشار الاسلام وازدياد الطابع العربي لهذا الاقليم، نتيجة لتدفق قبائل عربية عديدة عليه في القرون الثلاثة الأخيرة من العصور الوسطى . ❝
❞ تعلمت أن الغربيين غالبا نموذج راق للتحضر، لكن السيئ فيهم لا يطاق وألعن من أي وغد عندنا..إنه مزيج من التعصب والغباء والغرور والفظاظة. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ تعلمت أن الغربيين غالبا نموذج راق للتحضر، لكن السيئ فيهم لا يطاق وألعن من أي وغد عندنا..إنه مزيج من التعصب والغباء والغرور والفظاظة . ❝
❞ مقدمة كتاب ]دقة البيان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله
قرائي الاعزاء هذه رسالة مختصرة عن دعاة ضلالة اخبر عنهم النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ˝نعم˝، قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ˝نعم، وفيه دخن˝، قلت: وما دخنه يا رسول الله؟ قال: ˝قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر˝، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ˝نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها˝، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ˝هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا˝، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: ˝تلزم جماعة المسلمين وإمامهم˝، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ˝فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك˝، بهذا اللفظ أخرجه البخاري ومسلم
فكم قرات هذا الحديث مرات ومرات وكنت اتعجب من وصف هؤلاء الدعاة كيف يكونون عرب مسلمين من جلدتنا وكيف يتكلمون بالسنتنا ومع هذا فهم دعاة علي ابواب جهنم حتي تجلت لي الحقيقة لما ادكت هذه الخديعة الكبري من خلف هذه الارساليات التي يذهب من خلالها دعاة الدين فيتتلمذوا علي يد المستشرقين في فرنسا وانجلترا وامريكا ثم يعودون فيتكلمون باسم الدين لكن علي طريقة الغربيين فيتاولون معاني القران والسنة علي غير هدي سيد المرسلين وتفكرت في خطر هؤلاء دعاة السوء علي بلادنا بلاد المسلمين ساعتها ادركت قول أَبِو الدَّرْدَاءِ عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف على أمته من المنافقين الذين يجادلون بالقرآن كما في الحديث الذي رواه البزار والطبراني عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان» قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح, وقد رواه ابن حبان في صحيحه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أخوف ما أخاف عليكم جدال منافق عليم اللسان».
وروى الإِمام أحمد والبزار وأبو يعلى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال «حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منافق عليم اللسان» قال الهيثمي رجاله موثقون.
فنظرت في احوال هؤلاء الذين تربوا في مدرسة السوربون ومدي تشربهم لليبرالية ونظرت في دعاة ارساليات انجلترا ودول اوربا وما تشربوه من حب للكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين والدعوة الا ترك الولاء والبراء مراضاة للاوربيين كما نظرت في مدرسة الامريكان المتجبرين وما تشربه عملائهم من العرب المنحرفين فيعودون الي بلادنا وهم سفاحين وقد تشربوا بفكر الخوارج كلاب النار سفاكي الدماء المنحلين فخطرت لي خاطرة تدوين هذه الرسالة لفضح فكرهم وتعريتهم امام عوام المسلمين وليست هذه الرسالة موجهة لهدم مؤسسة ولا للهجوم علي منارة للعلم مثل ازهرنا الشريف ولكنها لفضح انحرافات افراد غرر بهم الغرب واستعملتهم اوربا وامريكا ليكونو معاول هدم لدين المسلمين فكل مقال يتحدث عن انحرف لشخص بعينة وليس هذا للعموم وليس الهدف من المقالات هو الحكم علي اخرة الناس من الجنة والنار او النعيم والجحيم انما الهدف الحقيقي هو التحذير مما وقعوا فيه من ضلال حتي لا يتاسي بهم الناس عملا بقول النبي صلي الله عليه وسلم لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم وقد اخترت لهذه الرسالة عنوانا ينم عن المحتوي وهو دقة البيان لعقيدة دعاة السوربون والانجلو امريكان في اشارة واضحة الا الذين لقنوهم هذا الضلال الذي يحرصون علي نشره في بلادنا وهم يتكلمون باسم دين الرحمن اسال الله عز وجل ان يجعل عملنا هذا خالصا لوجه الكريم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
الراجي عفو ربه د محمد عمر عبد العزيز
ج.م.ع المنيا -1444H----2023G. ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ مقدمة كتاب ]دقة البيان
الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله
قرائي الاعزاء هذه رسالة مختصرة عن دعاة ضلالة اخبر عنهم النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ˝نعم˝، قلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ˝نعم، وفيه دخن˝، قلت: وما دخنه يا رسول الله؟ قال: ˝قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر˝، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ˝نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها˝، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ˝هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا˝، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: ˝تلزم جماعة المسلمين وإمامهم˝، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ˝فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك˝، بهذا اللفظ أخرجه البخاري ومسلم
فكم قرات هذا الحديث مرات ومرات وكنت اتعجب من وصف هؤلاء الدعاة كيف يكونون عرب مسلمين من جلدتنا وكيف يتكلمون بالسنتنا ومع هذا فهم دعاة علي ابواب جهنم حتي تجلت لي الحقيقة لما ادكت هذه الخديعة الكبري من خلف هذه الارساليات التي يذهب من خلالها دعاة الدين فيتتلمذوا علي يد المستشرقين في فرنسا وانجلترا وامريكا ثم يعودون فيتكلمون باسم الدين لكن علي طريقة الغربيين فيتاولون معاني القران والسنة علي غير هدي سيد المرسلين وتفكرت في خطر هؤلاء دعاة السوء علي بلادنا بلاد المسلمين ساعتها ادركت قول أَبِو الدَّرْدَاءِ عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف على أمته من المنافقين الذين يجادلون بالقرآن كما في الحديث الذي رواه البزار والطبراني عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان» قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح, وقد رواه ابن حبان في صحيحه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أخوف ما أخاف عليكم جدال منافق عليم اللسان».
وروى الإِمام أحمد والبزار وأبو يعلى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال «حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منافق عليم اللسان» قال الهيثمي رجاله موثقون.
فنظرت في احوال هؤلاء الذين تربوا في مدرسة السوربون ومدي تشربهم لليبرالية ونظرت في دعاة ارساليات انجلترا ودول اوربا وما تشربوه من حب للكتابيين بفرقتيهم المغضوب عليهم والضالين والدعوة الا ترك الولاء والبراء مراضاة للاوربيين كما نظرت في مدرسة الامريكان المتجبرين وما تشربه عملائهم من العرب المنحرفين فيعودون الي بلادنا وهم سفاحين وقد تشربوا بفكر الخوارج كلاب النار سفاكي الدماء المنحلين فخطرت لي خاطرة تدوين هذه الرسالة لفضح فكرهم وتعريتهم امام عوام المسلمين وليست هذه الرسالة موجهة لهدم مؤسسة ولا للهجوم علي منارة للعلم مثل ازهرنا الشريف ولكنها لفضح انحرافات افراد غرر بهم الغرب واستعملتهم اوربا وامريكا ليكونو معاول هدم لدين المسلمين فكل مقال يتحدث عن انحرف لشخص بعينة وليس هذا للعموم وليس الهدف من المقالات هو الحكم علي اخرة الناس من الجنة والنار او النعيم والجحيم انما الهدف الحقيقي هو التحذير مما وقعوا فيه من ضلال حتي لا يتاسي بهم الناس عملا بقول النبي صلي الله عليه وسلم لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم وقد اخترت لهذه الرسالة عنوانا ينم عن المحتوي وهو دقة البيان لعقيدة دعاة السوربون والانجلو امريكان في اشارة واضحة الا الذين لقنوهم هذا الضلال الذي يحرصون علي نشره في بلادنا وهم يتكلمون باسم دين الرحمن اسال الله عز وجل ان يجعل عملنا هذا خالصا لوجه الكريم واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
الراجي عفو ربه د محمد عمر عبد العزيز
ج.م.ع المنيا 1444H2023G . ❝
❞ هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ولا دبيب ؟
وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا .. والجدران صمّاء كما نراها ؟
وهل الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين كما تقول لنا الهندسة التقليدية التي تعلمناها .. وهل مجموع زوايا المثلث تساوي 2 ق ؟
وهل أحداث الكون كلها ممتدة في زمن واحد .. بحيث يمكن أن تتواقت بعضها مع بعض في آن واحد في أماكن متفرقة .. كما يتواقت خروج الموظفين مثلًا من مختلف الوزارات في ذات الوقت والساعة .. فنقارن أحداثًا تجري في الأرض مع أحداث تجري في المريخ .. والزهرة وسديم الجبار .. ونقول إنها حدثت في وقت واحد .. أو أن أحدها كان قبل الآخر ..
وهل يمكننا أن نقطع في يقين أن جسمًا ما من الأجسام يتحرك وأن جسمًا آخر لا يتحرك ؟
♦♦ كل هذه الأسئلة التي يُخيّل لك أنك تستطيع الإجابة عنها في بساطة، والتي كان العلماء يظنون أنهم قد انتهوا منها من زمن .. قد تحولت الآن إلى ألغاز ..
لقد انهار اليقين العلمي القديم ..
والمطرقة التي حطمت هذا اليقين، وكشفت لنا عن أنه كان يقينا ساذجا، هي عقل أينشتين الجبار ..
ونظريته التي غيرت الصورة الموضوعة للعالم .. نظرية النسبية .
*********
والنظرية النسبية قد عاشت سنوات منذ بداية وضعها في سنة 1905 إلى الآن في برج عاجي لا يقربها إلا المختصون ..
وكان القارئ العادي يسمع عنها في خوف كما يسمع عن الكِهانات الغامضة والطقوس الماسونية .. ولا يجرؤ على الخوض فيها ..
ومن المأثور عن الدكتور "مشرفة" أنه كان يقول دائما إن هذه النظرية " النظرية النسبية " لا يفهمها في العالم كله إلا عشرة ..
ولكن النظرية النسبية ترتبت عليها القنبلة الذرية ..
إنها لم تعد نظرية .. وإنما تحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس كيان كل فرد وتؤثر في مصيره .
لقد خرجت من حيز الفروض والمعادلات الرياضية لتتحول إلى واقع رهيب ..
وأصبح من حق كل فرد أن يعرف عنها شيئا .
ولقد تعددت المحاولات من العلماء لتبسيطها وتقريبها إلى الفهم .. من ادنجتون إلى جيمس جينز .. إلى لنكولن بارنت .. إلى راسِل ..
وكان أينشتين نفسه يحاول أن يبسط ما في نظريته من غموض .. وكان يقول إن قَصْر المعلومات على عدد قليل من العلماء بحجة التعمق والتخصص .. يؤدي إلى عزلة العِلم .. ويؤدي إلى موت روح الشعب الفلسفية وفقره الروحي، وكان يكره الكهانة العلمية والتلَفُح بالغموض، والادعاء .. والتعاظم ..
وكان يقول إن الحقيقة بسيطة .
وفي آخر محاولاته التي أتمها في عام 1949 كان يبحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون .
ونظرية النسبية ليست كلها معادلات .. وإنما لها جوانب فلسفية .
وحتى المعادلات الرياضية .. يقول أينشتين أنها انبعثت في ذهنه نتيجة شطحاته التي حاول فيها أن يتصور الكون على صورة جديدة ..
وأمام هذه الشطحات الفلسفية سوف نقف قليلًا .. تاركين المعادلات الرياضية لأربابها من القادرين عليها، محاولين أن نشرح بعض ما أراد ذلك العالِم العظيم أن يقوله، على قدر الإمكان، إمكان فهمنا .
وسوف نبدأ من البداية .. من قبل أينشتين .. من السؤال الذي بدأنا به المقال :
هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ؟
وهل الزجاج شفاف .. والجدران صمّاء ؟
# # # # #
لا ..
ليست هذه هي الحقيقة ..
هذا ما نراه .. وما نحسه بالفعل .. ولكنه ليس كل الحقيقة ..
فالنور الأبيض الذي نراه أبيض .. إذا مررناه خلال منشور زجاجي .. يتحلل إلى سبعة ألوان .. هي ألوان الطيف المعروفة .. الأصفر والبرتقالي والأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي .. إلخ .
فإذا حاولنا أن ندرس ماهية هذه الألوان، لم نجد أنها ألوان .. وإنما وجدناها موجات لا تختلف في شيء إلا في طولها ..
ذبذبات متفاوتة في ترددها .. وهذه كل الحكاية .. ولكن عيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كأمواج .. ولا تستطيع أن تحس بهذه الذبذبات كذبذبات .. وانما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية في قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بطريقة مختلفة ..
ومراكز البصر في المخ تترجم هذا التأثر العصبي على شكل ألوان ..
ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانًا .. وإنما هي محض موجات واهتزازات .. والمخ بلغته الإصطلاحية .. لكي يميزها عن بعضها .. يطلق عليها هذه التعريفات التي هي عبارة عن تصورات .. وهذه هي حكاية الألوان ..
والحقول التي نراها خضراء ليست خضراء .. وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول المعين التي تدخل عيننا وتؤثر في خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذي هو في اصطلاح المخ "أخضر" ..
وبالمثل .. أي لون .. ليس له لون .. وإنما هو مؤثِر يفرقه المخ عن غيره بهذه الطريقة الاصطلاحية .. بأن يلونه .. ويتضح هذا الخلط أكثر حينما ننتقل إلى المثل الثاني .. العســل ..
فالعسل في فمنا حلو .. ونحن نتلذذ به ونلحسه لحسًا ونمصمصه بلساننا .. ولكن دودة المش لها رأي مختلف تمامًا في العسل .. بدليل أنها لا تقربه ولا تذوقه بعكس المش الذي تغوص فيه وتلتهمه التهامًا وتبيض وتفقس وتعشش فيه .
الحلاوة إذًا لا يمكن أن تكون صفة مطلقة موضوعية في العسل .. وإنما هي صفة نسبية نِسبةً إلى أعضاء التذوق في لساننا .. إنها ترجمتنا الإصطلاحية الخاصة للمؤثرات التي تُحدِثها ذرات العسل فينا ..
وقد يكون لهذه المؤثرات بالنسبة للأعضاء الحسيّة في حيوان آخر طعمًا مختلفًا هو بالمرارة أشبه ..
♦ فإذا جئنا للسؤال الثالث لنسأل أنفسنا .. هل الماء سائل .. وهل الجليد صلب .. فإن المشكلة تتضح أكثر ..
فالماء والبخار والجليد .. مادة كيميائية واحدة تركيبها الكيميائي ( اتحاد الأيدروجين بالأوكسجين 1:2 ) .. وما بينها من اختلاف ليس اختلافًا في حقيقتها وإنما هو اختلافًا في كيفيتها ..
فحينما نضع الماء على النار فإننا نعطيه حرارة .. أو بمعنى آخر طاقة .. فتزداد حركة جزيئاته وبالتالي تتفرق وتتفركش نتيجة اندفاعها الشديد في كل اتجاه ويكون نتيجة هذه الفركشة عند لحظة معينة أن تتفكك تمامًا وتتحول إلى جزيئات سابحة بعيدة عن بعضها (غاز) .. فإذا فقدت هذه الحرارة الكامنة التي أخذتها عن طريق النار حتى تصل في لحظة إلى درجة من التقارب نترجمها بحواسنا على أنها (صلابة) .
الحالة الغازية والسائلة والصلبة هي ظواهر كيفية لحقيقة واحدة .. هي درجة تقارب الجزيئات من بعضها البعض لمادة واحدة هي الماء ..
وشفافية الماء وعتامة الثلج سببها أن جزيئات الماء متباعدة لدرجة تسمح لنا بالرؤية من خلالها .
ولا يعني هذا أن جزيئات الثلج متلاصقة .. وإنما هي متباعدة هي الأخرى ولكن بدرجة أقل .
وجزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها .. بل إن الجزئ نفسه مؤلف من ذرات منفصلة .. والذرّة مؤلفة من بروتونات وإلكترونات هي الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة تباعد الشمس عن كواكبها .
كل المواد الصُلبة عبارة عن خلاء منثورة فيه ذرّات .. ولو أن حِسّنَا البصري مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال ..
ولو كنا نرى عن طريق أشعة إكس لا عن طريق النور العادي لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية، لأن أشغة اكس تخترق المسافات الجزيئية في اللحم .. وتراه في شفافية الزجاج ..
♦ مرة أخرى ..
رؤيتنا العاجزة هي التي ترى الجدران صماء .. وهي ليست صمّاء .. بل هي مخلخلة أقصى درجات التخلخل .. ولكن وسائلنا المحدودة والأشعة التي نرى عن طريقها .. لا تنفد فيها، وإنما تنعكس على سطوحها وتبدو لنا وكأنها ســدّ يقف في طريق رؤيتنا .
إنها جميعًا أحكام نسبية تلك التي نطلقها على الأشياء .. ( نسبة إلى حواسنا المحدودة ) وليست أحكامًا حقيقية ..
والعالَم الذي نراه ليس هو العالَم الحقيقي .. وإنما هو عالَم اصطلاحي بَحتْ .. نعيش فيه معتقَلين في الرموز التي يختلقها عقلنا .. ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف لها ماهية أو كَنَهًا .
والرسّام التجريدي على حق حينما يحاول أن يعبر عما يراه .. على طريقته .. فهو يدرك بالفطرة أن ما يراه بعينه ليس هو كل الحقيقة، وبالتالي فهو ليس ملزِمًا له .. وفي إمكانه أن يتلَمّس الحقيقة .. لا بعينه .. وإنما بعقله .. وربما بعقله الباطن .. أو وجدانه .. أو روحه ..
وهو لا يكون مجنونـــًا .. وقد نكون نحن المجــانين .
ورجل العلم له وسائل أخرى غير رجل الفن ..
الفنان يبحث عن الحقيقة معتمدًا على وسائله .. عن طريق الإلهام .. والروح .. والوجدان .
ورجل العلم يلجأ إلى الحسابات والمعادلات .. والفروض النظرية .. التي يحاول أن يتثبت منها بتجارب عملية .
وأينشتين في مغامرته العقلية لم يكن يختلف كثيرًا عن الرسّام التجريدي في مغامرته الفنية .
ومعظم ما كتبه أينشتين في معادلاته كان في الحقيقة تجريدًا للواقع على شكل أرقام وحدود رياضية .. ومحاولة جادة من رجل العلم في أن يهزم العلاقات المألوفة للأشياء ويزيحها لتبدو من خلفها لمحات من الحقيقة المدهشة التي تتخفى في ثياب العادة والألفة ..
وماذا هناك في الواقع المحسوس المألوف ؟
إننا لا نرى الأشياء مشوهة عن أصلها فقط .. وإنما لا نراها إطلاقًا .. وأحيانًا يكون ما نراه لا وجود له بالمرة ..
فهناك غير ألوان الطيف السبعة .. أمواج أقصر من أن ندركها .. هي فوق البنفسجية .. وأمواج أخرى أطول من أن ندركها .. هي تحت الحمراء .. وتكون النتيجة ألا نراها مع أنها موجودة ويمكن إثباتها باللوح الفوتوغرافي الحساس .. وبالترمومتر ..
وعلى العكس نرى أحيانًا أشياء لا وجود لها ..
فبعض النجوم التي نراها بالتلسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية .. أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى خمسمائة مليون سنة ليصل إلى عيوننا .. وبالتالي فالضوء الذي نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين .. فنحن لا نراها في الحقيقة .. وإنما نرى ماضيها السحيق الموغَل في القِدَم ..
أما ماهيتها الآن .. فالله وحده يعلم .. وربما تكون قد انفجرت واختفت .. أو انطفأت .. أو ارتحلت بعيدًا في أطراف ذلك الخلاء الأبدي وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها .. فحالها الآن لا يمكن أن يصلنا خبره إلا بعد مضي خمسمائة مليون سنة ..
إننا قد نكون محملقين في شيء يلمع دون أن يكون له وجود بالمرة .
إلى هذه الدرجة يبلغ عدم اليقين ..
وإلى هذه الدرجة يمكن أن تضللنا الحواس ..
ما دليلنا في هذا التِيه .. ؟!
وكيف نهتدي إلى الحقيقة في هذه الظلمات المطبقة ؟!
مقال / أينشتين والنظرية النسبية .
من كتاب : اينشتين والنسبيه.
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ولا دبيب ؟
وهل الزجاج شفاف كما يبدو لنا .. والجدران صمّاء كما نراها ؟
وهل الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين كما تقول لنا الهندسة التقليدية التي تعلمناها .. وهل مجموع زوايا المثلث تساوي 2 ق ؟
وهل أحداث الكون كلها ممتدة في زمن واحد .. بحيث يمكن أن تتواقت بعضها مع بعض في آن واحد في أماكن متفرقة .. كما يتواقت خروج الموظفين مثلًا من مختلف الوزارات في ذات الوقت والساعة .. فنقارن أحداثًا تجري في الأرض مع أحداث تجري في المريخ .. والزهرة وسديم الجبار .. ونقول إنها حدثت في وقت واحد .. أو أن أحدها كان قبل الآخر ..
وهل يمكننا أن نقطع في يقين أن جسمًا ما من الأجسام يتحرك وأن جسمًا آخر لا يتحرك ؟
♦♦ كل هذه الأسئلة التي يُخيّل لك أنك تستطيع الإجابة عنها في بساطة، والتي كان العلماء يظنون أنهم قد انتهوا منها من زمن .. قد تحولت الآن إلى ألغاز ..
لقد انهار اليقين العلمي القديم ..
والمطرقة التي حطمت هذا اليقين، وكشفت لنا عن أنه كان يقينا ساذجا، هي عقل أينشتين الجبار ..
ونظريته التي غيرت الصورة الموضوعة للعالم .. نظرية النسبية .
والنظرية النسبية قد عاشت سنوات منذ بداية وضعها في سنة 1905 إلى الآن في برج عاجي لا يقربها إلا المختصون ..
وكان القارئ العادي يسمع عنها في خوف كما يسمع عن الكِهانات الغامضة والطقوس الماسونية .. ولا يجرؤ على الخوض فيها ..
ومن المأثور عن الدكتور "مشرفة" أنه كان يقول دائما إن هذه النظرية " النظرية النسبية " لا يفهمها في العالم كله إلا عشرة ..
ولكن النظرية النسبية ترتبت عليها القنبلة الذرية ..
إنها لم تعد نظرية .. وإنما تحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس كيان كل فرد وتؤثر في مصيره .
لقد خرجت من حيز الفروض والمعادلات الرياضية لتتحول إلى واقع رهيب ..
وأصبح من حق كل فرد أن يعرف عنها شيئا .
ولقد تعددت المحاولات من العلماء لتبسيطها وتقريبها إلى الفهم .. من ادنجتون إلى جيمس جينز .. إلى لنكولن بارنت .. إلى راسِل ..
وكان أينشتين نفسه يحاول أن يبسط ما في نظريته من غموض .. وكان يقول إن قَصْر المعلومات على عدد قليل من العلماء بحجة التعمق والتخصص .. يؤدي إلى عزلة العِلم .. ويؤدي إلى موت روح الشعب الفلسفية وفقره الروحي، وكان يكره الكهانة العلمية والتلَفُح بالغموض، والادعاء .. والتعاظم ..
وكان يقول إن الحقيقة بسيطة .
وفي آخر محاولاته التي أتمها في عام 1949 كان يبحث عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون .
ونظرية النسبية ليست كلها معادلات .. وإنما لها جوانب فلسفية .
وحتى المعادلات الرياضية .. يقول أينشتين أنها انبعثت في ذهنه نتيجة شطحاته التي حاول فيها أن يتصور الكون على صورة جديدة ..
وأمام هذه الشطحات الفلسفية سوف نقف قليلًا .. تاركين المعادلات الرياضية لأربابها من القادرين عليها، محاولين أن نشرح بعض ما أراد ذلك العالِم العظيم أن يقوله، على قدر الإمكان، إمكان فهمنا .
وسوف نبدأ من البداية .. من قبل أينشتين .. من السؤال الذي بدأنا به المقال :
هل نحن نرى الدنيا على حقيقتها ؟
هل هذه السماء زرقاء فعلًا .. وهل الحقول خضراء .. وهل الرمال صفراء ؟
وهل العسل حلو .. والعلقَم مُر ؟
هل الماء سائل .. والجليد صلب ؟
وهل الخشب مادة جامدة كما تقول لنا حواسّنا ؟
وهل حجارة الأرض مادة موات، لا حركة فيها ؟
وهل الزجاج شفاف .. والجدران صمّاء ؟
لا ..
ليست هذه هي الحقيقة ..
هذا ما نراه .. وما نحسه بالفعل .. ولكنه ليس كل الحقيقة ..
فالنور الأبيض الذي نراه أبيض .. إذا مررناه خلال منشور زجاجي .. يتحلل إلى سبعة ألوان .. هي ألوان الطيف المعروفة .. الأصفر والبرتقالي والأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي .. إلخ .
فإذا حاولنا أن ندرس ماهية هذه الألوان، لم نجد أنها ألوان .. وإنما وجدناها موجات لا تختلف في شيء إلا في طولها ..
ذبذبات متفاوتة في ترددها .. وهذه كل الحكاية .. ولكن عيننا لا تستطيع أن ترى هذه الأمواج كأمواج .. ولا تستطيع أن تحس بهذه الذبذبات كذبذبات .. وانما كل ما يحدث أن الخلايا العصبية في قاع العين تتأثر بكل نوع من هذه الذبذبات بطريقة مختلفة ..
ومراكز البصر في المخ تترجم هذا التأثر العصبي على شكل ألوان ..
ولكن هذه المؤثرات الضوئية ليست ألوانًا .. وإنما هي محض موجات واهتزازات .. والمخ بلغته الإصطلاحية .. لكي يميزها عن بعضها .. يطلق عليها هذه التعريفات التي هي عبارة عن تصورات .. وهذه هي حكاية الألوان ..
والحقول التي نراها خضراء ليست خضراء .. وإنما كل ما يحدث أن أوراق النباتات تمتص كل أمواج الضوء بكافة أطوالها ما عدا تلك الموجة ذات الطول المعين التي تدخل عيننا وتؤثر في خلاياها فيكون لها هذا التأثير الذي هو في اصطلاح المخ "أخضر" ..
وبالمثل .. أي لون .. ليس له لون .. وإنما هو مؤثِر يفرقه المخ عن غيره بهذه الطريقة الاصطلاحية .. بأن يلونه .. ويتضح هذا الخلط أكثر حينما ننتقل إلى المثل الثاني .. العســل ..
فالعسل في فمنا حلو .. ونحن نتلذذ به ونلحسه لحسًا ونمصمصه بلساننا .. ولكن دودة المش لها رأي مختلف تمامًا في العسل .. بدليل أنها لا تقربه ولا تذوقه بعكس المش الذي تغوص فيه وتلتهمه التهامًا وتبيض وتفقس وتعشش فيه .
الحلاوة إذًا لا يمكن أن تكون صفة مطلقة موضوعية في العسل .. وإنما هي صفة نسبية نِسبةً إلى أعضاء التذوق في لساننا .. إنها ترجمتنا الإصطلاحية الخاصة للمؤثرات التي تُحدِثها ذرات العسل فينا ..
وقد يكون لهذه المؤثرات بالنسبة للأعضاء الحسيّة في حيوان آخر طعمًا مختلفًا هو بالمرارة أشبه ..
♦ فإذا جئنا للسؤال الثالث لنسأل أنفسنا .. هل الماء سائل .. وهل الجليد صلب .. فإن المشكلة تتضح أكثر ..
فالماء والبخار والجليد .. مادة كيميائية واحدة تركيبها الكيميائي ( اتحاد الأيدروجين بالأوكسجين 1:2 ) .. وما بينها من اختلاف ليس اختلافًا في حقيقتها وإنما هو اختلافًا في كيفيتها ..
فحينما نضع الماء على النار فإننا نعطيه حرارة .. أو بمعنى آخر طاقة .. فتزداد حركة جزيئاته وبالتالي تتفرق وتتفركش نتيجة اندفاعها الشديد في كل اتجاه ويكون نتيجة هذه الفركشة عند لحظة معينة أن تتفكك تمامًا وتتحول إلى جزيئات سابحة بعيدة عن بعضها (غاز) .. فإذا فقدت هذه الحرارة الكامنة التي أخذتها عن طريق النار حتى تصل في لحظة إلى درجة من التقارب نترجمها بحواسنا على أنها (صلابة) .
الحالة الغازية والسائلة والصلبة هي ظواهر كيفية لحقيقة واحدة .. هي درجة تقارب الجزيئات من بعضها البعض لمادة واحدة هي الماء ..
وشفافية الماء وعتامة الثلج سببها أن جزيئات الماء متباعدة لدرجة تسمح لنا بالرؤية من خلالها .
ولا يعني هذا أن جزيئات الثلج متلاصقة .. وإنما هي متباعدة هي الأخرى ولكن بدرجة أقل .
وجزيئات كل المواد حتى الحديد مخلخلة ومنفصلة عن بعضها .. بل إن الجزئ نفسه مؤلف من ذرات منفصلة .. والذرّة مؤلفة من بروتونات وإلكترونات هي الأخرى منفصلة ومخلخلة ومتباعدة تباعد الشمس عن كواكبها .
كل المواد الصُلبة عبارة عن خلاء منثورة فيه ذرّات .. ولو أن حِسّنَا البصري مكتمل لأمكننا أن نرى من خلال الجدران لأن نسيجها مخلخل كنسيج الغربال ..
ولو كنا نرى عن طريق أشعة إكس لا عن طريق النور العادي لرأينا بعضنا عبارة عن هياكل عظمية، لأن أشغة اكس تخترق المسافات الجزيئية في اللحم .. وتراه في شفافية الزجاج ..
♦ مرة أخرى ..
رؤيتنا العاجزة هي التي ترى الجدران صماء .. وهي ليست صمّاء .. بل هي مخلخلة أقصى درجات التخلخل .. ولكن وسائلنا المحدودة والأشعة التي نرى عن طريقها .. لا تنفد فيها، وإنما تنعكس على سطوحها وتبدو لنا وكأنها ســدّ يقف في طريق رؤيتنا .
إنها جميعًا أحكام نسبية تلك التي نطلقها على الأشياء .. ( نسبة إلى حواسنا المحدودة ) وليست أحكامًا حقيقية ..
والعالَم الذي نراه ليس هو العالَم الحقيقي .. وإنما هو عالَم اصطلاحي بَحتْ .. نعيش فيه معتقَلين في الرموز التي يختلقها عقلنا .. ليدلنا على الأشياء التي لا يعرف لها ماهية أو كَنَهًا .
والرسّام التجريدي على حق حينما يحاول أن يعبر عما يراه .. على طريقته .. فهو يدرك بالفطرة أن ما يراه بعينه ليس هو كل الحقيقة، وبالتالي فهو ليس ملزِمًا له .. وفي إمكانه أن يتلَمّس الحقيقة .. لا بعينه .. وإنما بعقله .. وربما بعقله الباطن .. أو وجدانه .. أو روحه ..
وهو لا يكون مجنونـــًا .. وقد نكون نحن المجــانين .
ورجل العلم له وسائل أخرى غير رجل الفن ..
الفنان يبحث عن الحقيقة معتمدًا على وسائله .. عن طريق الإلهام .. والروح .. والوجدان .
ورجل العلم يلجأ إلى الحسابات والمعادلات .. والفروض النظرية .. التي يحاول أن يتثبت منها بتجارب عملية .
وأينشتين في مغامرته العقلية لم يكن يختلف كثيرًا عن الرسّام التجريدي في مغامرته الفنية .
ومعظم ما كتبه أينشتين في معادلاته كان في الحقيقة تجريدًا للواقع على شكل أرقام وحدود رياضية .. ومحاولة جادة من رجل العلم في أن يهزم العلاقات المألوفة للأشياء ويزيحها لتبدو من خلفها لمحات من الحقيقة المدهشة التي تتخفى في ثياب العادة والألفة ..
وماذا هناك في الواقع المحسوس المألوف ؟
إننا لا نرى الأشياء مشوهة عن أصلها فقط .. وإنما لا نراها إطلاقًا .. وأحيانًا يكون ما نراه لا وجود له بالمرة ..
فهناك غير ألوان الطيف السبعة .. أمواج أقصر من أن ندركها .. هي فوق البنفسجية .. وأمواج أخرى أطول من أن ندركها .. هي تحت الحمراء .. وتكون النتيجة ألا نراها مع أنها موجودة ويمكن إثباتها باللوح الفوتوغرافي الحساس .. وبالترمومتر ..
وعلى العكس نرى أحيانًا أشياء لا وجود لها ..
فبعض النجوم التي نراها بالتلسكوب في أعماق السماء تبعد عنا بمقدار 500 مليون سنة ضوئية .. أي أن الضوء المنبعث منها يحتاج إلى خمسمائة مليون سنة ليصل إلى عيوننا .. وبالتالي فالضوء الذي نلمحها به هو ضوء خرج منها منذ هذا العدد الهائل من السنين .. فنحن لا نراها في الحقيقة .. وإنما نرى ماضيها السحيق الموغَل في القِدَم ..
أما ماهيتها الآن .. فالله وحده يعلم .. وربما تكون قد انفجرت واختفت .. أو انطفأت .. أو ارتحلت بعيدًا في أطراف ذلك الخلاء الأبدي وخرجت من مجال الرؤية بكل وسائلها .. فحالها الآن لا يمكن أن يصلنا خبره إلا بعد مضي خمسمائة مليون سنة ..
إننا قد نكون محملقين في شيء يلمع دون أن يكون له وجود بالمرة .
إلى هذه الدرجة يبلغ عدم اليقين ..
وإلى هذه الدرجة يمكن أن تضللنا الحواس ..
ما دليلنا في هذا التِيه .. ؟!
وكيف نهتدي إلى الحقيقة في هذه الظلمات المطبقة ؟!
مقال / أينشتين والنظرية النسبية .
من كتاب : اينشتين والنسبيه.