█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ طالما أنني أتنفس وأملك القوة، لن أتوقف عن ممارسة الفلسفة وإسداء النصح لكم وتوضيح الحقيقة لكل من أصادفه، وبذلك أيها السادة .. سوائ برأتموني أم لا ، أنتم مدركون أنني لن أغير سلوكي ، حتى لو مت مئة مرة . ❝
❞ كان الصينيون قديمًا ـ ونُسبت إلى النازيين كذلك ـ يلجأون إلى طريقة فريدة في تعذيب الأسرى من أجل إخراج المعلومات منهم، بأن يضعوا الأسير تحت دلو من الماء المثقوب والذي تبدأ قطراته في التساقط قطرة قطرة على جبة الأسير الموثق بإحكام، في بداية الأمر يكون الأمر منعشًا، مع الوقت يبدأ عقل المسكين في الاضطراب، صار انتباه الذهن للحظة سقوط قطرة الماء كبيرًا، وقبل مرور يومين يقترب صاحبنا من الجنون، ويفرغ ما لديه من معلومات خلاصًا من العذاب الشديد!
هذه القطرات الصغيرة التي أوصلت الرجل للجنون هي نفسها التي نغرق فيها في حياتنا الزوجية، يمكننا أن نرى هذا بوضوح في إجابات الأزواج عما يقلقهم في حياتهم الزوجية، معظمهم سيخبرك أن لا مشكلة كبيرة يمكن أن نرويها، كل ما هنالك أننا لم نعد كما كنا، ثمة شيء غامض أصاب العلاقة، والحقيقة أن هذا الشيء الغامض هو الأخطاء الصغيرة، كلمات باردة، إهمال غير متعمد، ردود أفعال سلبية، مع الوقت تبدأ مشكلة في التبلور (لا تهتم بي بالشكل الكافي) (لست موجودة في أولوياته)، والمدهش أن لا أحد منهم يرى بأن كلام شريكه صحيحًا، إنه في قرارة نفسه لم يتعمد شيئًا مما يُتهم به.
يعيدنا هذا إلى القلق الذي انتاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد انتصار دعوته، وهو يؤكد أنه لا يخشى على أتباعه من عبادة الأصنام مرة أخرى، وإنما يخاف على أمته مما سماه ˝محقرات الذنوب˝، تلك الذنوب الصغيرة البسيطة التي قد نتهاون معها لصغرها وتفاهتها، لكنها مع الوقت تصنع ما يشبه ˝الران˝ أو طبقة سميكة من اللامبالاة تجاه تعاليم السماء، هذا بالضبط ما يحدث معنا، إهمال مستمر لأشياء صغيرة في حياتنا الزوجية تصنع ما نعاني منه.
وعليه فإن الحل لهذه المشكلة على تعقيدها بسيط جدًا، وهو الانتباه إلى الأشياء البسيطة التي توقفنا عن الإتيان بها، خصوصًا وأن لدينا معادلة مغلوطة تقول بأننا توقفنا عن السلوكيات الجيدة لأن الحب انزوى بعيدًا، والصحيح أن الحب انزوى يائسًا لأننا توقفنا عن السلوكيات الجيدة.
الحب لا يأكل الفتات، ولا يعيش على ردود الأفعال، الحب كأي كائن حي يحتاج إلى رعاية وتعهد واهتمام ومراعاة دائمة، وإلا سيضعف ويموت، سيموت ببطء ونحن شهود..
الحب يا أصدقائي لا يموت فجأة، صعب أن نرى حبًا يموت بالسكتة القلبية! . ❝
❞ يتكرر المشهد ولكن بسهم اخترق رأس الغراب هذه المرة، اقتربت من الحافة بحثًا عن مطلق السهام، حتى رأيته أسفل الشجرة، شابٌ يحمل قوسًا ويصوبها إلى غراب آخر يتوارى في مكان ما، ولكن العجيب أن الشاب كان شديد الضخامة، أردت أن أصرخ فيه ليتوقف عن قتل الغربان المسكينة، ولكن كلماتي ذابت حروفها ليخرج صوتي كأنه نعيق لغراب آخر، حاولت مرة أخرى إلى أن انتبه الشاب لي، اعتقدت أنه فهم ما أود قوله، ولكنه فاجأني بأن صوب سهمه نحوي، رفعت يدي لأحمي وجهي بحركة لا إرادية، لأجد أن ذراعي قد تحول إلى جناح له ريش رمادي، فصرخت فزعًا ليخرج من حنجرتي نعيق آخر، ظللت أصرخ، أحاول أن أخبره أنني لست غرابًا، أحاول أن أسأله ما الذي يحدث لي، ولكن النعيق أصبح هستيريًا، ففقدت أملي في أن يفهم الشاب كينونتي البشرية، ولم يعد أمامي إلا الفرار بهذا الجسد بعيدًا عن سهامه القاتلة، ولكن لم أعرف كيف أستخدم هذا الجسد في الطيران إلى مكان آخر، أخذت أضرب بجناحي الغراب -الذي أصبحته الآن- يمينًا ويسارًا دون فائدة، أحاول وأحاول، الشاب يسحب السهم للخلف ماطًا به القوس، أنعق بينما هو يحرك القوس ويدقق التصويب إليَّ، لا أدري إلى أي جزء يصوب سهمه، وانطلق السهم ممزقًا أوراق الغصن التي كنت أختبئ خلفها، أحاول الصراخ مرة أخرى ولكن هذه المرة لم يصدر مني حتى النعيق، وشعرت بألم رهيب، قبل أن أفهم أن السهم قد استقر في رقبتي، رقبة الغراب الذي فقد أمله في النجاة، وأخذ يتهاوى وجسده يدور، . ❝