█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وظيفة الأمة
قلت محددا وظيفة الأمة العربية وجامعتها: إن الله ربى محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليربى به العرب، وربى العرب بمحمد ليربى بهم الناس كافة. فلأمتنا رسالة واضحة يجب أن تعمل بها وتدعو إليها، وترفع رايتها وتشعر الأقربين والأبعدين بحقيقتها، وهذا معنى عالمية الإسلام، فليس هو نهضة عربية كما يزعم زاعمون، أو ثورة قومية كما يهرف خراصون .. إنه رحمة الله بالعالمين ، وهدايته للناس أجمعين.
وإذا كان العرب قد انكمشوا فى هذا العصر، وتقطعوا فى الأرض أمما، وصارت كل أمة تسعى وراء القوت وتهتم بحياتها الخاصة فإن ذلك لون من النسيان المخزى إن لم يكن من الارتداد القبيح!!.
وتوجد ـ ولله المنة ـ طوائف ترفض هذا الوضع وتعرف أن الإسلام رسالة عامة خالدة وتقدم آصرة الإسلام على كل آصرة وغايته على كل غاية، والآيات فى القرآن كثيرة على عالمية الرسالة، وعلى أن أمتنا شاهدة الأمم!. كما أن الرسول شاهد علينا أى أننا مبلغون مواريث الوحي كما بلغنا. وشاهدون على الأمم كما أن الرسول شهيد علينا. قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). وجاء فى مكان آخر (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة و ءاتوا الزكاة واعتصموا بالله).
ويحزننى أنى فوجئت بشخص ينكر هذه الحقائق ويحط عن الكواهل أعباء الدعوة العامة ويشغل المسلمين بقضاياهم الخاصة، ويزعم أن الشهادة على الناس فى الآخرة وليست فى الدنيا ويسوق فى ذلك حديثا لم يفهمه، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" يجىء النبى يوم القيامة ومعه الرجل والنبى معه الرجلان. وأكثر من ذلك، فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم هذا؟ فيقولون لا! فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول " نعم! فيقال له من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته! فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم! فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا.! فذلك قوله تعالى : (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس..)..
قلت - لمن ساق هذا الحديث - : إنه جاء بإضافة جديدة إلى جانب ما أفادته الآية من أن المسلمين أمة دعوة عامة تتناول الشعوب فى القارات الخمس، هذه الإضافة أننا شهداء على الناس فى الدنيا وفى الآخرة معا، فلا تضارب بين الآيات والحديث إلا فى أذهان المشوشين وذوى البلاهة!.
إن المسلمين ـ ومعهم كتاب الله وسنة رسوله ـ لهم إشراف وأستاذية على الناس الذين يملأون أرجاء العالم، ولا وظيفة لهم إلا الأكل والسفاد، وكما أخرجهم الرسول من الظلمات إلى النور يجب أن يفعلوا ذلك مع الناس ، وسيحق عليهم العقاب إذا تركوا هذه الوظيفة العليا.
. ❝
❞ اسكريبت ˝رُغمًا عنِّي˝ للكاتبة /تسنيم محمد صبحي
_ في عريس جايلك النهاردة يامنون
رديت على روان أختي بكل برود
=وطبعاً حضراتكم عارفين ردي
_يامنه اهدي وللعلم أبوكِ قال إنك هتقابليه يعني هتقابليه أصل مش معقول كل عريس يتقدم ترفضيه من غير ماتعرفي هو مين
رديت باستهزاء وانا بقول
=وياترى السنيور شغال ايه
_مهندس
=كماااااااان مهندس طبعًا مرفوووووووووض عن اذنك ياست روان
دخلت الأوضة وأنا متعصبه هتجوز مهندس لييييه كلمت رحمه صاحبتي وحكيتلها اللي حصل
_يعني انتي دلوقتي رافضه الجواز علشان هو مهندس
=اه
_اشمعنا يامنه
=ايه اللي اشمعنا يارحمه انتي عارفه يعني ايه مهندس دانا مش عارفه هعمله أكل ايه
_ايوا عارفه يعني راجل شاطر يعني معاه كلية عالية أهو يعني حاجه جميلة وهتأكليه أكل عادي زي باقي الناس
رديت بسخرية وأنا بقول
=لا ياستي مهندس دا يعني بياكل أقلام رصاص وأقلام جاف ومساطر وكمان زمانه بياكل عمارات أنا استحالة أتجوز مهندس
سمعت صوت ضحك رحمه اللي كإني قولتلها نكته
=رحمههههه بتضحكي على ايه انا عايزة أخلص منه بابا متمسك بيه أوي وأنا رافضاه
_خلاص ياست منه طفشيه زي الباقي
=فكره برضو سلام دلوقتي وهشوف ازاي هطفشه
نمت وأنا بفكر ازاي أطفش العريس وصحيت على صوت روات وهي بتقولي
_اصحي يامنه الساعه سبعه والعريس جاي كمان نص ساعه يخربيتك حد ينام فالوقت دا وأبوكِ متمسك بيه أوي وبيقول انه محترم وأخلاق
=صحيت أهو وأما نشوف أخرتها مع سيادته
صحيت ولبست دريس أسود وطرحه سودا مانا هطفشه يعني هطفشه مش على اخر الزمن أتجوز مهندس ويأكلني أقلام رصاص لااااا دا على جثتي
لاقيت بابا بيندهلي ويقولي ان العريس جه
ابتسمت بخبث وبقول
=ليلتك هتبقا سودا ياللي معرفش اسمك
دخلت الريسيبشن وبابا ندهلي أقعد بجانب سيادته اللي طالب ايدي قعدت ولاقيتني بدأت أتوتر وأخاف
سمعت بابا بيقول
_تعالي يامحمد نسيبهم لوحدهم شوية
خرج بابا وعمي محمد باباه ومامته راحة تقعد مع ماما حوالي تلت دقايق قعده ساكته ووشي أحمر من الكسوف لحد مااتكلم هو بهدوء وقال
_حد يلبس أسود فأسود
رديت بتلقائية˝أنا˝
ابتسم بهدوء وقال˝ عارفه اسمي ايه ˝
=لا
_اسمي سيف
ضحكت بخفوت وانا بتنمر على اسمه بصوت واطي وبقول ˝سيف ولا خنجر˝
_لا سيف ياستي مش شايفاني طويل ازاي لكن الخنجر قصير
اتحرجت من أسلوبي مانا مسحوبه من لساني هقول ايه
=احم انا مش قصدي انا....
_ولا يهمك عادي
=علفكرا انا وحشه صدقني
_متقوليش كدا على نفسك انتي زي القمر وفالأسود مخليكي جميلة
=احم مش قصدي يعني أسلوبي وحش
_وانا حابب أسلوبك الوحش دا
=دا غير ان عندي لا كبالاة رهيبه
_عاحباني
=ويااااااااه دانا باردة بروووووود يخربيت كدا دانت ربنا يعينك لو اتجوزتني
_وانا عايز أتجوز واحدة باردة
=ايه رأيك بقا ان لساني طويل جدا
_عاجبني برضه
=يوووووه ايه يابني كل حاجه عاجباك كدا مش عارفه أطفشك
ضحك جامد ولاقيته بيقول ˝مش بقولك بحبك يعني حتى لو ايه بحبك برضو ايه سبب رفضك بقا˝
سألته وأنا بقفل عيوني مع بعض كدا اللي هو نظرة شك ˝انت مهندس صح˝
_ايوه مهندس معماري فيها مشكله
=مادا محل المشكله أصلا يابني
رفع حاجب كدا وقال˝مشكلة ايه طيب فالموضوع عايزة تتجوزي دكتور يعني˝
=لأ مش كدا
_امال
=انت بتاكل ايه
رد باستغراب ˝اكل عادي زي باقي الناس˝
=امممم بتضحك عليا
_ليه يعني امال باكل ايه
رديت بتلقائية وسرعه˝علشان انت بتاكل أقلام رصاص وأقلام جاف ومساطر وعمارات وبتاكل.... ˝
سكت لما سمعت صوت ضحكته رنت البيت حرفيا اد ايه ضحكته جميلة بجد
رد بضحك ومش عارف ياخد نفسه˝يعني انتي رافضاني علشان مانا مهندس وفاكراني باكل كدا ˝
=تقدر تنكر
_لا ياستي باكل زي الأكل اللي بتاكليه بالظبط
=بيجااااد
دخل بابا وباباه وماما وزي مايكونو عارفين اني وافقت
بابا ˝ها على بركة الله موافقه يامنه ولا ايه˝
رديت بكسوف ˝اللي تشوفه يابابا˝
طيب ياجماعه أنا مش موافق
رديت بلهفه وقولت˝بس انا موافقه يابابا˝
كله ضحك وهو ضحك بصيت باحراج للكل
=احم مش قصدي
_ولا يهمك ياست الكل ايه رأيك نكتب الكتاب علطول قبل ماتغيري رأيك
ابتمست بخفوت واتفقنا على معاد كتب الكتاب بعد شهر
_________
يوم كتب الكتاب
كنت متوترة وهو بيبصلي زي اللي بيطمني فوقت على جملة المأذون بيقول˝بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما فالخير كله ˝
تعالت الأصوات والزغاريط ومحستش الا وسيف بيدوخني ومبتسم همست ف ودنه وأنا بقول ˝عيب كدا الناس وبعدين انت محسسن ان انت كنت بتصلي بيا التراويح طول الشهر اللي فات نزلني يابو السيوف دانا كنت مقابلاك غصب عني ˝
ضحك على كلامي وقالي ˝مهما حد طلب منك التغيير اوعي تتغيري خليكي زي مانتي بروحك الجميلة بقلبك الطيب بكل حاجه حلوة فيكي صراحتك تلقائيتك كل حاجه˝
_______
انتهى.
للكاتبة /تسنيم محمد صبحي
. ❝
❞ الخـــروج . . .
كان يزدرد الطعام كأنه يزدرد كُرات من العجين يُلقي بها في جوفه دون تَلذُذ .. و كان الهواء راكداً ثقيلاً .. و كل شيء راكد ثقيل .. و صفحة النهار تبدو كليلٍ بلا نجوم ..
و لم يكن يدري كم من الوقت قد مضى عليه و هو جالس في كُرسيه في مقهى الروف بأعلى البرج ..
ربما بِضع ساعات و هو يجلس نفس الجلسة لم يُحرك إصبعاً .. و ربما بنفس النظرة الذاهلة المحملقة في الهواء دون أن يختلج له جفن ، و كأنما تسمرت نفسه و بات عقله مصلوباً على فكرة واحدة لا يبرحها .. أن يتخلص من حياته .
مريض بلا شفاء .. يتنقل من طبيب إلى طبيب .. و من دواء إلى دواء .. و من مُخدِر إلى مخدر .. و من أمل إلى أمل .. ثم تذوي الآمال ثم يكتشف أنه لم يبق له إلا الصبر .
و في البيت وحده .. و فِراش بارد .. و مائدة عليها عشرات العقاقير، و خِطابات لا يجف حبرها .. تجري سطورها اللاهِثة بنداء واحد لا يهدأ :
سوزان . . سوزان . .
عودي .. أحبك .. لا أستطيع أن أحيا بدونك .. و لا أن أموت بدونك .
حياتي ليل بدون ضوء عينيك .
و دائماً تُرسَل الخطابات و تسافر عبر البحر .. و لا يأتي لها رد ، و لا يُسمَع لها صَدى .
الزوجة الأوروبية عادت إلى بلادها بقلب ينزف ، و تركت وراءها قلباً آخر ينزف .
و في ذلك الصمت الشبيه بالصراخ يعيش ..
و في تلك الغرفة المُترَفة الوثيرة ذات الديكورات الغالية يتقلب .. و كأنما يتقلب على صحراء مُوحِشة تسرح فيها الأفاعي .. ثم ينفد الصبر .. و تنقطع حِبال الإنتظار .
و لا تبقى في ذهنه إلا فكرة واحدة .. أن يتخلص من حياته .
تأتيه الفكرة في البداية زائرة ثم تصبح طَوّافة ثم تُلِح عليه ثم تُقيم في رأسه ثم تتحول إلى حصار ثم تغدو كابوساً قهرياً يحتويه و يجثم عليه و يخنقه رويداً رويداً .
و يتحرك أخيراً .. فينظر إلى ساعته .
لقد مضت أربع سنوات و هو مُتجمد في كُرسيه كتمثال ، و شيء في داخله ينخر في بنيانه و يأكل جوفه .. و بنظرة سريعة عبر الشرفة يطل على الناس الذين يبدون كالنمل الصغير أسفل البرج .. و تتسمر عيناه على الهُوّة التي تَفغُر فاها تحت قدميه .
ثم في لحظة يرمي بنفسه من شاهِق .
و يتجمع الناس أسفل البرج .. و هُم يحكون في ذهول ..
هناك رجل رمى بنفسه من أعلى البرج فسقط على كتفي عامل فقتله لساعته .. أما هو فلم يُصَب بخدش ..
و حينما أفاق الرجل من صدمته و أدرك ما فعل .. إنكَبَّ على شفرة حديد صَدِئة إلتقطها من الطريق و قطع شرايينه .
و حملوه إلى المستشفى و هو ينزف .. و أسعفوه ..
و حينما فتح عينيه و اكتشف أنه لم يمُت بعد .. إبتلع زجاجة الأقراص المنومة كلها في غفلة من الممرضة ..
و لكنهم غسلوا معدته ، و أعطوه شيئاً .. و أنقذوه ..
و فتح عينيه من جديد ليجد أنه لم يمت بعد ثلاث محاولات قاتلة .. قتل فيها رجل آخر و لم يَمُت .. و سقط مغشياً عليه ..
و في النوم و بين لحظات الخدر ، و فيما يشبه الرؤيا شاهد الرجل نوراً و سمع صوتاً يقول له :
●● ماذا فعلت بنفسك ؟
● أردت أن أقتل نفسي لأستريح .
●● و من أين لك العلم بأنك سوف تستريح .. أعلِمت بما ينتظرك بعد الموت ؟
● إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا .
●● هذا ظنك .. و لا يقتُل الناس أنفسهم بالظن .
● و ماذا كنت أستطيع أن أفعل .. و ماذا بقيَ لي ؟
●● أن تصبر و تنتظر أمرنا ..
● صبِرت .
●● تصبر يوماً آخر إلى غَد .
● سيكون غداً مشئوماً مثل سالفه .
●● كيف علمت .. هل أنت الذي خلقت الأيام .. هل أنت الذي خلقت نفسك ؟
● لا .
●● فكيف تحكم على ما لا تعلم ، و كيف تتصرف فيما لا تملك ؟
● هذا عمري و قد ضقت به .
●● أتعلم ماذا نُخفي لك غداً ؟
● لا .
●● إذاً فهو ليس عُمرك .
● لا أريد أن أعيش .. خلوا بيني و بين الموت .. دعوني .. ارحموني .
●● لو تركناك فما رحمناك .. إنما نحول بينك و بين رغبتك رحمةً مِنا و فضلاً ، و لو تخلينا عنك لهلَكت .
● يا مرحباً بالهلاك .. ما أريد إلا الهلاك .. يا أهلاً بالهلاك .
●● لن يكون الهلاك رقدة مُطمَئنة تحت التراب كما تتصور .
● أريد أن أخرج مما أنا فيه و كَفَى .
●● و لو إلى النار ؟
● و هل هناك نار غير هذه ؟
●● أتصَوَّرت أنه لا وجود إلا لما يقع تحت حسك من جنة و نار .. أظننت أنه لا جنة و لا نار إلا نعيمكم و عذابكم .. أظننتنا فقراء لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالَم .. أتصَوَّرتَ أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي .. و ليس عند رب العالمين غير هذه الكرة الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء .. ؟
بئس ما خَيَّل لك بَصرُك الضرير عن فقرنا .
● ضقت ذرعاً مما أنا فيه .. إنسدت أمامي المسالك .. إنطبقت السماء على الأرض .. إختنقْت .. أريد الخروج .. أريد الخروج .
●● ألا تصبر لحظات أخرى .. أترفض عطيّتنا في الغد قبل أن تراها ؟
● رأيت منها ما يكفيني .
●● هذا رفض لنا و يأس مِنّا و اتهام لحكمتنا و سوء ظن بتدبيرنا و انتقاص لملكنا .. بئس ما قررت لنفسك .. إذهب .. رفضناك كما رفضتنا ، و حرمناك ما حرمت نفسك .. خَلّوا بينه و بين الموت ..
و في تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش .. و مات في هذه المحاولة الرابعة .. و فشلت كل الإسعافات في إنقاذه .
و جاء الغــد . .
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه .
و جاءت سوزان تدق بابه في شوق و في يدها بضع زجاجات من هذا الترياق الجديد و قلبها يطفح بالحب و الأمل .
و لكنه كان قد ذهب .
لم ينتظر العطية .
ظلم المُعطي و العَطيّة و ظلم نفسه و ظلم الغد الذي لم يره و اتهم الرحيم في رحمته و أنكر على المدبر تدبيره .
و خـــرج . .
إلى حيــث لا رحمـــة . . و لا عــودة . .
..
قصة : الخروج
من كتـــاب / نقطــة الغليـــان
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ -ماذا فعلت بنفسك ؟
- أردت أن أقتل نفسي لأستريح.
- ومن أين لك العلم بأنك سوف تستريح، أعلمت بما ينتظرك
بعد الموت؟
-إنه على أي حال أفضل من حالي في الدنيا.
-هذا ظنك.. ولا يقتل الناس أنفسهم بالظن.
- وماذا كنت أستطيع أن أفعل.. وماذا بقي لى ؟
- أن تصبر وتنتظر أمرنا
- صبرت
- تصبر يوما آخر إلى غد.
- سيكون غدا مشئوما مثل سالفه.
كيف علمت.. هل أنت الذي خلقت الأيام.. هل أنت الذي خلقت
-نفسك؟
-لا
- فكيف تحكم على ما لا تعلم وكيف تتصرف فيما لا تملك
-هذا عمري وقد ضقت به.
- أتعلم ماذا نخفي لك غدا؟
- لا.
- إذن فهو ليس عمرك.
- لا أريد أن أعيش.. خلوا بيني وبين الموت.. دعوني.. ارحمونی
- لو تركناك فما رحمناك.. إنما نحول بينك وبين رغبتك رحمة
وفضلا ولو تخلينا عنك لهلكت.
- يا مرحبا بالهلاك.. ما أريد إلا الهلاك.. يا أهلا بالهلاك.
- لن يكون الهلاك رقدة مطمئنة تحت التراب كما تتصور.
- أريد أن أخرج مما أنا فيه وكفی.
-ولو إلى النار
-وهل هناك نار غير هذه؟
اتصورت أنه لا وجود، إلا ما يقع تحت حسك من جنة ونار
أظننت أنه لا جنة ونار إلا نعيمكم وعذابكم.. أظننتنا فقراء
لا يتسع ملكنا إلا لهذا العالم.. أتصورت أنه ليس عندنا لك إلا هذه الشقة في المعادي وليس عند رب العالمين غير هذه الكرة
الأرضية المعلقة كذرة غبار في الفضاء.. بئس ما خيل لك
بصرك الضرير عن فقرنا.
- ضقت ذرعا مما أنا فيه.. انسدت أمامي المسالك.. انطبقت
السماء على الأرض.. اختنقت.. . أريد الخروج.. أريد الخروج.
- ألا تصبر لحظات أخرى.. أترفض عطيتنا في الغد قبل أن
تراها؟
- رأيت منها ما يكفيني.
- هذا رفض لنا ويأس منا واتهام لحكمتنا وسوء ظن بتدبيرنا
وانتقاص لملكنا.. بئس ما قررت لنفسك.. اذهب.. رفضناك
كما رفضتنا وحرمناك ما حرمت نفسك.. خلوا بينه وبين الموت..
وفي تلك الليلة شنق الرجل نفسه بملاءة الفراش.. ومات في
هذه المحاولة الرابعة.. وفشلت كل الإسعافات في إنقاذه.
وجاء الغد..
فطلعت صفحات الجرائد الأولى بخبر مثير عن اكتشاف علاج
جديد حاسم للمرض الذي كان يشكو منه.
ولكنه كان قد ذهب لم ينتظر العطية
ظلم المعطى والعطية وظلم نفسه وظلم الغد ااذى لم يره واتهم الرحيم فى رحمته وأنكر على المدبر تدبيره.
وخرج إلى حيث لا رحمة .. ولا .. عودة . ❝