❞ في زمن بعيد كان هناك فتاة تُدعىٰ مريم، هذه الفتاة كانت تدرس في كلية الآثار بالقاهرة.
كانت تحب البحث كثيرًا في آثار هذا العالم، وتريد معرفة المزيد عنه والمزيد، مريم كانت تعيش مع والدتها فقط؛ لأن والدها توفىٰ وهي صغيرة، كانت تُراعي والدتها، وكانت الأم مقربة لأبنتها كثيرًا.
في يوم من الأيام أهدت الأم إبنتها قلادة، وكانت حريصة أشد الحرص أن تكن هذه القلادة معها، والا تتركها ابدًا بعيدة عنها، وأخذت الأم عهدًا من مريم بذلك.
ذهبت مريم إلى جامعتها ككل يوم، وأعلنت الجامعة عن رحلة إلى مدينة الاقصر حيث جمالها وروعة الآثار الموجوده بها؛ فسرعان ما ذهبت مريم إلى المكتبة؛ لكي تكن مزودة بجميع المعلومات عن هذه البلد العظيمة، وأخذت تبحث في جهاز الاب توب الخاص بها ٠
ذهبت لوالدتها ولكن رفضت الام ذهاب إبنتها إلى هذه البلد، وكانت تبكي وتقل لها، لا أريدك أن تذهبي هناك يا ابنتِ، ولكن مريم أصرت على ذهابها إلى الاقصر، واقنعت سارة صديقتها والدتها بأن تذهب إلى هذه الرحلة وستكن معها دائمًا، ولا تتركها فوافقت الأم حيث إنها تثق بسارة كثيرًا.
جاء اليوم التالي وفي الناحية الأخرى والدة مريم حزينة كل الحزن علىٰ فراق ابنتها، وقد اوجعتها الذكريات كثيرًا التي حدثت في الاقصر، حيث أن والد مريم توفىٰ هناك، واعادة إلى ذهنها جميع الأيام الحزينة التي مرت بها، ولا تريد تكرار هذا الموقف ثانية، وعندما جاءت مريم من الجامعه جمعت كل كتبها وملابسها في الحقيبة، وجاءت والدتها واكدت عليها كثيرًا ان لا تترك القلادة بعيدًا عن عنقها.
ومريم كانت سعيدة للغاية لذهابها في هذه الرحلة، وجاء الصباح، وودعت الأم ابنتها وداعًا حارًا.
كانت مريم سعيدة جدًا وهي مع اصدقائها يغنون ويلعبون مع بعضهم البعض، عندما اقتربت من الاقصر شعرت بشيء كأنه يجذبها، ووصلوا إلى الفندق الذي سيمكثون فيه، حيث أن هذه الرحله ثلاثة أيام.
عند وصولها الفندق شعرت أيضًا بهذا الانجذاب؛ فقصت لصديقتها ساره فقالت لها هذا بسبب ان هذه البلد جميلة فتجذبك إليها، وكانت تمزح معها وتضحك، جلسوا لكي يتناولون وجبة الغذاء، وبعد ذلك ذهبوا لجولة في هذه البلد الجميلة، وعندما اقتربوا من معبد الرمسيوم وهذا معبد تذكاري للملك رمسيس الثاني، اضاءت القلادة التي في عنقها، وفي ذهول شديد قالت لساره هل رأيتي ما أراه فقالت لها ما بك يا صديقتي فلا شيء غريب.
وعندما أنتهوا ذهبوا إلى الفندق، وجاء الليل حيث كان هذا اليوم اليوم الثالث عشر من الشهر الهجري.
رأت هذه القلاده تنير مرة آخرى، وهذه المرة أتى صوت منها يقول لها اذهبي إلى المعبد؛ فذهبت إلى المعبد بدون ادراك منها؛ فهي لا تفهم ما يحدث معها حتىٰ اذا وصلت إلى المعبد؛ فخرج منه ضوء شديد جدًا فتملكها الرعب حين رأت هذا الضوء وسرعان ما، تركت المكان وعادت إلى
الفندق وهي ترتجف من الخوف.
وعندما اتىٰ الصباح أخذت وجبة الإفطار، ولم تخرج معهم من الخوف الشديد، واتىٰ الليل بظلامه والقمر قد يكتمل بدرًا فأضاءت قلادتها وحدث ما حدث سابقًا، ورأت ضوء شديد في المعبد، ورأت الارض انشقت لنصفين وجذبتها إليها، فكانت في ممر شديد الظلمة مكثت تسير به، حتىٰ اذا رأت مكانا يضيء بتوهج شديد، ذات أسوار عالية يوجد تمثال الملك رمسيس، فكان هناك مكان للقلادة علىٰ هذا التمثال، فوضعت القلاده به، فانهدمت كل هذه الأسوار العالية، ودخلت في مكان آخر يوجد به أناس عمالقة للغاية، ظلت تتحدث معهم أين هي وما هذا؟ لكن لا أحد يفهم ما تقوله.
وعندما أكتمل القمر وانعكست ضوء على القلادة، انشقت إلى نصفين، وانعكس علىٰ النهر؛ فتجمع جميع العمالقة حولها، وعلموا انها ابنة هذا الرجل الذي كان من قبيلتهم، ولكن بسبب قلادة مرور عبر الزمن عندما اتت والدتها الى هذا المكان، وتزوجت ب والد مريم، فكان والدها أحد العمالقه الموجودين في هذا المكان، وقبل العودة إليهم مرة أخرى، فقد حدث له حادث سيارة فتوفىٰ.
فرأو في مريم العلامة التي تدل على إنها من قبيلتهم، فجعلوها ملكة عليهم، واذ بشخص يفهم ما تقوله مريم فشرح لها كل شيء، وكل ما حدث؛ لانه كان صديقًا لوالدها وتعلم اللغه العربية من والدتها عندما كانت في هذا المكان، فأختفى ضوء القمر، واذ برعب تملكها عندما سمعت منه كل شيء، فقال لها يوجد ذرًا في هذه القلادة اضغطي عليه؛ لكي تتواصلي مع والدتك، ففعلت ما قاله لها، واذ بصورة والدتها تظهر امامها، حيث أن خبر اختفاء مريم قد وصل لها، وعلمت أن ما تخشاه قد حدث، فجعلت زر القلاده مفتوح، تحدثت معها ووالدتها تزرف دموعًا كثيرة، وهي أيضًا، وقالت لها أنها لن تستطيع الخروج من هذا المكان إلا في ليلة البدر في الشهر القادم.
وظلت تتواصل معها طوال هذا الشهر، وتزوجت من ابن هذا الرجل، وجاءت ليلة البدر، وانتقلت إلى عالمها مرة أخرى، ووجدت نفسها هي وزوجها في المعبد، وخرجا ثم ذهبوا إلى والدتها، فوجدتها في استقبالهما، وقرروا ان يذهبوا جميعا إلى العالم الآخر في ذكري وفاة والد مريم.
للكاتبه/آية محمد بدوي(بنت المنيا )
المصححه/جني حسام. ❝ ⏤أية محمد بدوي
❞ في زمن بعيد كان هناك فتاة تُدعىٰ مريم، هذه الفتاة كانت تدرس في كلية الآثار بالقاهرة.
كانت تحب البحث كثيرًا في آثار هذا العالم، وتريد معرفة المزيد عنه والمزيد، مريم كانت تعيش مع والدتها فقط؛ لأن والدها توفىٰ وهي صغيرة، كانت تُراعي والدتها، وكانت الأم مقربة لأبنتها كثيرًا.
في يوم من الأيام أهدت الأم إبنتها قلادة، وكانت حريصة أشد الحرص أن تكن هذه القلادة معها، والا تتركها ابدًا بعيدة عنها، وأخذت الأم عهدًا من مريم بذلك.
ذهبت مريم إلى جامعتها ككل يوم، وأعلنت الجامعة عن رحلة إلى مدينة الاقصر حيث جمالها وروعة الآثار الموجوده بها؛ فسرعان ما ذهبت مريم إلى المكتبة؛ لكي تكن مزودة بجميع المعلومات عن هذه البلد العظيمة، وأخذت تبحث في جهاز الاب توب الخاص بها ٠
ذهبت لوالدتها ولكن رفضت الام ذهاب إبنتها إلى هذه البلد، وكانت تبكي وتقل لها، لا أريدك أن تذهبي هناك يا ابنتِ، ولكن مريم أصرت على ذهابها إلى الاقصر، واقنعت سارة صديقتها والدتها بأن تذهب إلى هذه الرحلة وستكن معها دائمًا، ولا تتركها فوافقت الأم حيث إنها تثق بسارة كثيرًا.
جاء اليوم التالي وفي الناحية الأخرى والدة مريم حزينة كل الحزن علىٰ فراق ابنتها، وقد اوجعتها الذكريات كثيرًا التي حدثت في الاقصر، حيث أن والد مريم توفىٰ هناك، واعادة إلى ذهنها جميع الأيام الحزينة التي مرت بها، ولا تريد تكرار هذا الموقف ثانية، وعندما جاءت مريم من الجامعه جمعت كل كتبها وملابسها في الحقيبة، وجاءت والدتها واكدت عليها كثيرًا ان لا تترك القلادة بعيدًا عن عنقها.
ومريم كانت سعيدة للغاية لذهابها في هذه الرحلة، وجاء الصباح، وودعت الأم ابنتها وداعًا حارًا.
كانت مريم سعيدة جدًا وهي مع اصدقائها يغنون ويلعبون مع بعضهم البعض، عندما اقتربت من الاقصر شعرت بشيء كأنه يجذبها، ووصلوا إلى الفندق الذي سيمكثون فيه، حيث أن هذه الرحله ثلاثة أيام.
عند وصولها الفندق شعرت أيضًا بهذا الانجذاب؛ فقصت لصديقتها ساره فقالت لها هذا بسبب ان هذه البلد جميلة فتجذبك إليها، وكانت تمزح معها وتضحك، جلسوا لكي يتناولون وجبة الغذاء، وبعد ذلك ذهبوا لجولة في هذه البلد الجميلة، وعندما اقتربوا من معبد الرمسيوم وهذا معبد تذكاري للملك رمسيس الثاني، اضاءت القلادة التي في عنقها، وفي ذهول شديد قالت لساره هل رأيتي ما أراه فقالت لها ما بك يا صديقتي فلا شيء غريب.
وعندما أنتهوا ذهبوا إلى الفندق، وجاء الليل حيث كان هذا اليوم اليوم الثالث عشر من الشهر الهجري.
رأت هذه القلاده تنير مرة آخرى، وهذه المرة أتى صوت منها يقول لها اذهبي إلى المعبد؛ فذهبت إلى المعبد بدون ادراك منها؛ فهي لا تفهم ما يحدث معها حتىٰ اذا وصلت إلى المعبد؛ فخرج منه ضوء شديد جدًا فتملكها الرعب حين رأت هذا الضوء وسرعان ما، تركت المكان وعادت إلى
الفندق وهي ترتجف من الخوف.
وعندما اتىٰ الصباح أخذت وجبة الإفطار، ولم تخرج معهم من الخوف الشديد، واتىٰ الليل بظلامه والقمر قد يكتمل بدرًا فأضاءت قلادتها وحدث ما حدث سابقًا، ورأت ضوء شديد في المعبد، ورأت الارض انشقت لنصفين وجذبتها إليها، فكانت في ممر شديد الظلمة مكثت تسير به، حتىٰ اذا رأت مكانا يضيء بتوهج شديد، ذات أسوار عالية يوجد تمثال الملك رمسيس، فكان هناك مكان للقلادة علىٰ هذا التمثال، فوضعت القلاده به، فانهدمت كل هذه الأسوار العالية، ودخلت في مكان آخر يوجد به أناس عمالقة للغاية، ظلت تتحدث معهم أين هي وما هذا؟ لكن لا أحد يفهم ما تقوله.
وعندما أكتمل القمر وانعكست ضوء على القلادة، انشقت إلى نصفين، وانعكس علىٰ النهر؛ فتجمع جميع العمالقة حولها، وعلموا انها ابنة هذا الرجل الذي كان من قبيلتهم، ولكن بسبب قلادة مرور عبر الزمن عندما اتت والدتها الى هذا المكان، وتزوجت ب والد مريم، فكان والدها أحد العمالقه الموجودين في هذا المكان، وقبل العودة إليهم مرة أخرى، فقد حدث له حادث سيارة فتوفىٰ.
فرأو في مريم العلامة التي تدل على إنها من قبيلتهم، فجعلوها ملكة عليهم، واذ بشخص يفهم ما تقوله مريم فشرح لها كل شيء، وكل ما حدث؛ لانه كان صديقًا لوالدها وتعلم اللغه العربية من والدتها عندما كانت في هذا المكان، فأختفى ضوء القمر، واذ برعب تملكها عندما سمعت منه كل شيء، فقال لها يوجد ذرًا في هذه القلادة اضغطي عليه؛ لكي تتواصلي مع والدتك، ففعلت ما قاله لها، واذ بصورة والدتها تظهر امامها، حيث أن خبر اختفاء مريم قد وصل لها، وعلمت أن ما تخشاه قد حدث، فجعلت زر القلاده مفتوح، تحدثت معها ووالدتها تزرف دموعًا كثيرة، وهي أيضًا، وقالت لها أنها لن تستطيع الخروج من هذا المكان إلا في ليلة البدر في الشهر القادم.
وظلت تتواصل معها طوال هذا الشهر، وتزوجت من ابن هذا الرجل، وجاءت ليلة البدر، وانتقلت إلى عالمها مرة أخرى، ووجدت نفسها هي وزوجها في المعبد، وخرجا ثم ذهبوا إلى والدتها، فوجدتها في استقبالهما، وقرروا ان يذهبوا جميعا إلى العالم الآخر في ذكري وفاة والد مريم.
للكاتبه/آية محمد بدوي(بنت المنيا )
المصححه/جني حسام . ❝
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف .. الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا .. وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة .. ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا .. فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم .. ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين .. لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة .. لا تكف عن الضحك والمزاح .. بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) .. والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة .. بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها .. ألا إن الحب يجمعهما .. ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها .. في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك .. تركب الخيل .. تجوب بالدراجة أنحاء البلدة .. وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية .. إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته .. هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك .. لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها .. وأصرت .. في قرارة نفسها أن تحققه .. أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل .. غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك .. فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها .. منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج .. لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد .. ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها .. وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ .. مستطلعا .. ليفاجأ بما حدث .. يصرخ دون وعي : ابنتي .. ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة .. لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله .. فالموت حق .. ولكن الصدمة قوية .. وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها .. تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها .. فلا تحتضن إلا الفراغ .. تصرخ : ˝ قمر .. قمر ˝ ! إلى أين ذهبتِ ..ارجعي يا قمر !! .. وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها ..
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها ..تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) .. و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة .. تنعزل عن المجتمع ..تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة .. لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء .. قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام .. وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) .. الكل سعيد بعودتها للحياة .. ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم .. قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء .. نادتها .. لم تسمع إجابة .. ذهبت إلى الحجرة .. لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف .. يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها .. حقيبة ملابس .. عللت غيابها بأنها كانت تتسوق .. رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر .. وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة .. وتتعجب مما تجده فيها .. ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها .. فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها .. تسألها عما بها .. وهل تشعر بألم ما ؟! .. تجيبها بالنفي .. إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها .. رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة .. كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين ..
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح .. يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل ..وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة ..
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : ˝ شمس حامل ˝ !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا .. والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا .. وبعدما تحسنت حالتها قليلا .. بدأ العلاج النفسي .. تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) .. بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا ..
هدأت الطبيبة من روعها .. وطمأنتها .. فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله .. تلتقي الطبيبة بوالديها .. تطالبهما بالتروي في معاملتها .. فهي .. نتيجة إحساسها بالذنب .. أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب .. وهي لم ترتكبه .. تعاقب نفسها .. فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم .. لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) .. ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها .. بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
#غربة روح. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف .. الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا .. وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة .. ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا .. فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم .. ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين .. لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة .. لا تكف عن الضحك والمزاح .. بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) .. والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة .. بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها .. ألا إن الحب يجمعهما .. ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها .. في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك .. تركب الخيل .. تجوب بالدراجة أنحاء البلدة .. وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية .. إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته .. هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك .. لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها .. وأصرت .. في قرارة نفسها أن تحققه .. أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل .. غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك .. فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها .. منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج .. لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد .. ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها .. وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ .. مستطلعا .. ليفاجأ بما حدث .. يصرخ دون وعي : ابنتي .. ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة .. لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله .. فالموت حق .. ولكن الصدمة قوية .. وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها .. تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها .. فلا تحتضن إلا الفراغ .. تصرخ : ˝ قمر .. قمر ˝ ! إلى أين ذهبتِ ..ارجعي يا قمر !! .. وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها ..
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها ..تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) .. و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة .. تنعزل عن المجتمع ..تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة .. لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء .. قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام .. وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) .. الكل سعيد بعودتها للحياة .. ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم .. قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء .. نادتها .. لم تسمع إجابة .. ذهبت إلى الحجرة .. لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف .. يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها .. حقيبة ملابس .. عللت غيابها بأنها كانت تتسوق .. رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر .. وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة .. وتتعجب مما تجده فيها .. ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها .. فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها .. تسألها عما بها .. وهل تشعر بألم ما ؟! .. تجيبها بالنفي .. إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها .. رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة .. كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين ..
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح .. يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل ..وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة ..
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : ˝ شمس حامل ˝ !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا .. والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا .. وبعدما تحسنت حالتها قليلا .. بدأ العلاج النفسي .. تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) .. بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا ..
هدأت الطبيبة من روعها .. وطمأنتها .. فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله .. تلتقي الطبيبة بوالديها .. تطالبهما بالتروي في معاملتها .. فهي .. نتيجة إحساسها بالذنب .. أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب .. وهي لم ترتكبه .. تعاقب نفسها .. فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم .. لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) .. ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها .. بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف .. الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا .. وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة .. ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا .. فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم .. ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين .. لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة .. لا تكف عن الضحك والمزاح .. بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) .. والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة .. بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها .. ألا إن الحب يجمعهما .. ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها .. في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك .. تركب الخيل .. تجوب بالدراجة أنحاء البلدة .. وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية .. إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته .. هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك .. لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها .. وأصرت .. في قرارة نفسها أن تحققه .. أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل .. غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك .. فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها .. منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج .. لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد .. ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها .. وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ .. مستطلعا .. ليفاجأ بما حدث .. يصرخ دون وعي : ابنتي .. ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة .. لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله .. فالموت حق .. ولكن الصدمة قوية .. وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها .. تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها .. فلا تحتضن إلا الفراغ .. تصرخ : ˝ قمر .. قمر ˝ ! إلى أين ذهبتِ ..ارجعي يا قمر !! .. وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها ..
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها ..تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) .. و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة .. تنعزل عن المجتمع ..تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة .. لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء .. قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام .. وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) .. الكل سعيد بعودتها للحياة .. ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم .. قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء .. نادتها .. لم تسمع إجابة .. ذهبت إلى الحجرة .. لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف .. يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها .. حقيبة ملابس .. عللت غيابها بأنها كانت تتسوق .. رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر .. وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة .. وتتعجب مما تجده فيها .. ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها .. فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها .. تسألها عما بها .. وهل تشعر بألم ما ؟! .. تجيبها بالنفي .. إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها .. رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة .. كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين ..
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح .. يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل ..وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة ..
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : ˝ شمس حامل ˝ !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا .. والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا .. وبعدما تحسنت حالتها قليلا .. بدأ العلاج النفسي .. تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) .. بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا ..
هدأت الطبيبة من روعها .. وطمأنتها .. فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله .. تلتقي الطبيبة بوالديها .. تطالبهما بالتروي في معاملتها .. فهي .. نتيجة إحساسها بالذنب .. أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب .. وهي لم ترتكبه .. تعاقب نفسها .. فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم .. لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) .. ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها .. بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
#غربة روح. ❝ ⏤صفاء فوزي
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف .. الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا .. وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة .. ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا .. فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم .. ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين .. لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة .. لا تكف عن الضحك والمزاح .. بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) .. والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة .. بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها .. ألا إن الحب يجمعهما .. ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها .. في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك .. تركب الخيل .. تجوب بالدراجة أنحاء البلدة .. وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية .. إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته .. هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك .. لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها .. وأصرت .. في قرارة نفسها أن تحققه .. أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل .. غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك .. فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها .. منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج .. لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد .. ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها .. وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ .. مستطلعا .. ليفاجأ بما حدث .. يصرخ دون وعي : ابنتي .. ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة .. لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله .. فالموت حق .. ولكن الصدمة قوية .. وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها .. تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها .. فلا تحتضن إلا الفراغ .. تصرخ : ˝ قمر .. قمر ˝ ! إلى أين ذهبتِ ..ارجعي يا قمر !! .. وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها ..
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها ..تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) .. و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة .. تنعزل عن المجتمع ..تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة .. لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء .. قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام .. وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) .. الكل سعيد بعودتها للحياة .. ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم .. قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء .. نادتها .. لم تسمع إجابة .. ذهبت إلى الحجرة .. لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف .. يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها .. حقيبة ملابس .. عللت غيابها بأنها كانت تتسوق .. رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر .. وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة .. وتتعجب مما تجده فيها .. ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها .. فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها .. تسألها عما بها .. وهل تشعر بألم ما ؟! .. تجيبها بالنفي .. إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها .. رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة .. كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين ..
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح .. يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل ..وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة ..
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : ˝ شمس حامل ˝ !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا .. والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا .. وبعدما تحسنت حالتها قليلا .. بدأ العلاج النفسي .. تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) .. بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا ..
هدأت الطبيبة من روعها .. وطمأنتها .. فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله .. تلتقي الطبيبة بوالديها .. تطالبهما بالتروي في معاملتها .. فهي .. نتيجة إحساسها بالذنب .. أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب .. وهي لم ترتكبه .. تعاقب نفسها .. فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم .. لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) .. ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها .. بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
❞ أسْدل الليل عباءته السوداء، مشِيعًا في الوجود الظلمةَ، والهدوء المحبب لمن يعشقون الليل وسجاه، وأفاقت كائناته من غفلتها، وراحت تعلن عن أنفسها بأصوات مختلفة من حين إلى حين، هذه الأصوات تنساب في الفضاء وكأنها نغمات لاذعة حزينة،
شعور يقتلنا ونحن في غربة من أمرنا نتحدى به الأكوان إن كان هناك كوكب غير كوكبنا أو عوالم أخرى، نتمنى أن يكون هناك لربما نجد رفقةً أخرى فيها راحتنا.
أغلقت ليلى حقيبة سفرها السوداء، ليس بها الكثير من الملابس وأدواتها الشخصية، لقد قررت ترك كل شيء هنا، تريد الذهاب لمكانها الجديد، تشتري كل ما هو جديد علها تجد نفسها في المدينة الجديدة، تُبعث ليلى جديدة، تتخلى عن شخصيتها القديمة، أحزانها، تَصَّدُعِ روحها.
وضعت في حقيبة يدِها هاتفَها، وأجندتها الجديدة وقلمها، وأغلقتها بعناية، تلك الحقيبة ستصاحبها على متن الطائرة في السماء، فوق السحاب بعد حوالي خمس ساعاتٍ من الآن، عليها تجهيز نفسها وارتداء ملابسها قبل أن تبدأ رحلتها.
مرة أخرى وقفت بجوار نافذتها تنظر إلى القمر كأنه الوداع الأخير، والنظرة الأخيرة ممن صاحب ليلها كاسمها ،سنوات طويلة تقطن ليلى في البناية الشاهقة الارتفاع في الدور الثاني بعد الثلاثين، تَعُدُ نفسها قريبة من قمرها ونجومها. ❝ ⏤وفاء الغرباوي
❞ أسْدل الليل عباءته السوداء، مشِيعًا في الوجود الظلمةَ، والهدوء المحبب لمن يعشقون الليل وسجاه، وأفاقت كائناته من غفلتها، وراحت تعلن عن أنفسها بأصوات مختلفة من حين إلى حين، هذه الأصوات تنساب في الفضاء وكأنها نغمات لاذعة حزينة،
شعور يقتلنا ونحن في غربة من أمرنا نتحدى به الأكوان إن كان هناك كوكب غير كوكبنا أو عوالم أخرى، نتمنى أن يكون هناك لربما نجد رفقةً أخرى فيها راحتنا.
أغلقت ليلى حقيبة سفرها السوداء، ليس بها الكثير من الملابس وأدواتها الشخصية، لقد قررت ترك كل شيء هنا، تريد الذهاب لمكانها الجديد، تشتري كل ما هو جديد علها تجد نفسها في المدينة الجديدة، تُبعث ليلى جديدة، تتخلى عن شخصيتها القديمة، أحزانها، تَصَّدُعِ روحها.
وضعت في حقيبة يدِها هاتفَها، وأجندتها الجديدة وقلمها، وأغلقتها بعناية، تلك الحقيبة ستصاحبها على متن الطائرة في السماء، فوق السحاب بعد حوالي خمس ساعاتٍ من الآن، عليها تجهيز نفسها وارتداء ملابسها قبل أن تبدأ رحلتها.
مرة أخرى وقفت بجوار نافذتها تنظر إلى القمر كأنه الوداع الأخير، والنظرة الأخيرة ممن صاحب ليلها كاسمها ،سنوات طويلة تقطن ليلى في البناية الشاهقة الارتفاع في الدور الثاني بعد الثلاثين، تَعُدُ نفسها قريبة من قمرها ونجومها . ❝