بقعة سوداء
أَتَذَكَّرُ جَيِّدَآ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي تَأَكَّدَتْ فِيهَا إِنَّ قِصَّتَنَا قَدْ أَنْتَهَتْ بالفعل، وإننا منذ تلك الليلة لم نعد فيها كما كنا ، أَتَذَكَّرُ جَيِّدَآ شُعُورِي وَقْتَهَا وَكَأَنَّمَا هُنَاكَ أَحَدُهُمْ قَدْ جَاءَ لِيَسْلُبَ مِنِّي رُوحِي الَّتِي أَحْيَا بِهَا لِوَهْلِهِ مَا مِنَ الزَّمَنِ ، كَيْ أَشْعُرَ بِأَنَّنِي قَدْ سَرَقْتُ وَأَنَّهُ هُنَاكَ حَالِيآ مَنْ يَتَقَلَّدُ بَهْجَتِي، هُنَاكَ مَنْ يحيا بِأَحْلَامِي وَمَبَادِئِي وَيَرْتَدِيهِمْ بِقِنَاعِ الضَّحِيَّةِ وَكَأَنَّنِي قَدْ تَنَازَلْتُ لَهُ بِمَحْضِ إِرَادَتِي عَنْ كُلِّ ذَاكَ ، وَأَنَّنِي حَقَآ الْجَانِي لِمُجَرَّدِ أَنَّنِي قَدْ قَرَّرْتُ أَنْ أُحِبَّ ، نَعَمْ أَنَا الْجَانِي ، أَنَا الْجَانِي عَلَيَّ نَفْسِي ، عَلَيَّ أَحْلَامِي، عَلَيَّ كُلُّ شَئٍّ، انَا الْجَانِي عَلَيَّ ذَاتِي لِمُجَرَّدِ أَنَّنِي قَدْ وَثِقْتُ بِقَلْبٍ ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي بِصِدْقٍ ، وَالْأَنُّ لَيْسَ لَدَيَّ مَا أَقُولُهُ سَوِي أَنَّهَا هِيَ الْمَرَّةُ الْأُولِيُّ الَّتِي شَعَرْتُ فِيهَا أَنَّنِي أَحْيَا حَقًّآ بِلَا رُوحٍ وَمَازَالَتْ أَبْحَثُ عَنْهَا كَرَجُلٍ يَبْحَثُ عَنْ مُسْتَقْبَلِهِ فِي عُمْرِ السَّبْعِينَ ، كَمْ هُوَ مُؤْلِمٌ أَنْ يَتَحَوَّلَ حُبُّكُ الْأَوَّلِ دَائِمَآ إِلَيَّ بُقَعُهُ سَوْدَاءُ ، بَقَعُهُ لَا يُمْكِنُكَ تَخَطِّيهَا أَوْ نِسْيَانُهَا أَوْ مَحْوُهَا مِنْ جِدَارِ ذَاكِرَتِكَ إِلَيَّ الْأَبَدِ ، وَكَأَنَّمَا الْحَبُّ الْأَوَّلُ مَا هُوَ إِلَّا نَقْمُهُ كَبِيرَةٌ أَوْ رُبَّمَا مَرَضٌ خَبِيثٌ يُصَابُ بِهِ كُلُّ إِنْسَانٍ قَدْ قَرَّرَ أَنْ يُحِبَّ بِقَلْبِ الطِّفْلِ الَّذِي يَسْكُنُهُ ، أَعْرِفُ أَنَّهُ لَا شَئَّ فِي الْحَيَاةِ أَبْدَآ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَوِّضَ قَلْبَ الْمُحِبِّ عَنْ عَطَائِهِ وَلَكِنْ لِمَاذَا دَائِمَآ تُطَارِدُنَا ذِكْرَيَاتِ مِنْ أَحْبَبْنَاهُمْ فِي قُلُوبِنَا كَمَا الْوَحْشُ الَّذِي يُطَارِدُ فَرِيسَتَهُ دَائِمَآ لِيَغْتَنِمَهَا وَإِنْ كُنَّا الطَّرَفَ الْأَكْثَرَ صِدْقَآ ، الْأَكْثَرَ حِبًآ وَإِخْلَاصَآ، الْأَكْثَرُ عَطَاءً فِي كُلِّ شَئٍّ ، لِمَاذَا نَحْنُ ضَحَايَا الْحُبِّ الْأَوَّلِ دَائِمَآ ، بَلْ لِمَاذَا نَحْنُ ضَحَايَا الْحُبِّ الْمُفْرِطِ مِنْ الْأَسَاسِ ؟! أَيَتَمَرَّدُ الْحَبِيبُ عَلَيَّ حَبِيبَهُ أَمْ أَنْ كَانَ قَدَرُنَا مُنْذُ الْبِدَايَةِ أَنْ نُحِبَّ قُلُوبَآ لَمْ تَكُنْ لَنَا مِنَ الْأَسَاسِ وَأَنَّنَا قَدْ وَقَعْنَا فِي غَفْلِهِ الْحُبَّ الَّذِي يُبْقِي بِدَاخِلِنَا سُؤَالٌ لَيْسَ لَهُ جَوَابُ عَلَيَّ الْإِطْلَاقُ أَلَا وَهُوَ ...كُلُّ
دَهٍ كَانَ لِية ؟!