█ بعد عشرين عاماً أمضاها الغربة رجع إلى قريتهِ (كوت ثويني) حاملاً حقيبة متخمة بمؤلفاته الشعرية والقصصية كان يوماً قائظاً من شهر حزيران حين نزل سيارة الأجرة منتصف الطريق المعبّد توقف لحظة قبل أن ينعطف يميناً ليجوس بخطاه الشارع الترابي الذي يتحوّل أثناء المطر مادة صمغية تنزع الأحذية الأقدام أستنشق غبار حافات ذكرياته الأليمة (التمرّد المجتمع والزمن)؛ غمغم مع نفسه وهو يحوّل الحقيبة يده اليمنى اليسرى رَسمَ مخيلته صوراً جميلة لاستقبال ذويه: (أختاي لابدّ إنهما تزوّجتا وأنجبتا الأطفال) أشرقت ابتسامة محيّاه شعر بشيء الودّ جعله يعجّل بخطواته اجتياز جذوع النخيل المرصوفة فوق جداول الحياة مراوغاً ظلال الاشتياق المتطايرة أعوامه الخمسين كتاب اتجاه الجنوب البعيد مجاناً PDF اونلاين 2024 مجموعة قصصية جديدة للقصصي والروائي نبيل جميل مغزولة بقلم محترف ينسج خيوط ابداعه كل كلمة وكل عبارة قصة لتخرج المجموعة كلها ثوب مطرز بإتقان وحرفية بديعة
❞ ازدحمت الأفكار بذهنه، تتابعت، تكاثرت، اصطدمت برائحة شواء اللحم وقلي الهامبرغر، اختلطت وتاهت في الفضاء. تريث ينصت الى أغاني الخشّابة ترتفع من ملهى (ألف ليلة وليلة). قبل أن يعبر جاءه صوت منبه سيارة رجع للخلف، نظر ال جانبيه، مسّد شعره، ثم ترنح في مشيته يُتمتم مع نفسه، كأنه يحاول فك لغز ما . ❝
❞ حافظت على امكانيتي من عدم الاستهلاك الذهني تجاه المستحيل، بحيث لم أثر السخرية من نفسي. ممكن أن يعبث بي الزمن، لكن المكان في نظري هو التجربة الخالدة . ❝
❞ ركّز ناظريه عل الصبي، ثم حك رأسه، بعد أن أغمض عينيه (لا، مستحيل)؛ تمتم مع نفسه (أيكون أحدهم؟)، حاول أن يمد يده الى صحن السلطة، لكنه أوقفها، عاود النظر الى الصبي ( تُرى أين رأيته من قبل؟) تساءل، استل سيجارة وأنبتها في فمه، لم يُشعلها، لثوان سرح بفكره، دعك السيجارة ورماها وباندهاش قال: ( ربما هو أحد الفارين من جمجمة ذاك الرجل) . ❝