█ قررتُ أن أُنهي هذا الحوار العبثيّ قبل يبدأ موضوع مات ينثرَ ما رحمه أرضِ الحياةِ فيُخلّف مزيدًا من الأوجاع والمسوخ والعلاقات السامة التي تُعَجّلُ برحيلنا الأوان بأوان في محاولة سريعة منها كي تخفف حدة انفعالي مسوخ كمسوخ الزومبي تلك الجثة المتحركة أثارتها وسائل سحرية الساحرات؟ انتزعت يدي قبضتها لمغادرة المكتبة متعللةً بموعدي مع أمي نزور طبيبها بطريقتها المعتادة وتدخلها تفاصيل حياتي خلال مظلة الحب وعهود الصداقة السليمانية سأتركك الآن تخبريني غدًا ضحكت صديقتي اللدود ولكن عذرًا فهذا حديثٌ أمره يطولُ وأنا الليلة مشغولٌ وكعادتها وذهنها الحاضر لم تترك لي اقتباسي لتلك الجملة البرنامج الإذاعي " أنا وصديقي الفيلسوف بصوت سعد الغزاوي ردًا الممثلة سميرة عبد العزيز فباغتتني بتقليدها لصوت زوزو نبيل بصوتها الذي لا تخطئه أذن حلقات ألف ليلة وليلة عبر أثير الإذاعة المصرية العتيقة حين ينقذها ضياءُ الفجر سيف شهريار مولاي كتاب تبقين أنت حبيبتي مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ - هذه شخصية نرجسية بامتياز يا جاسمين.
- نعم هذا ما أدركته لاحقًا، فهو من النوع الذي يحتاج إلى شخصيةٍ تافهةٍ تتبعه وكأنها خُلقت لتكون يدين لا تتقنان سوى الانبطاح له والتصفيق الحاد والمستمر دون توقف، وإغراقه بطوفانٍ عارمٍ من عباراتِ الثناءِ والشكر ِالدائمِ، والشعورِ بالثناء والامتنان له حتى على أتفه الأمور، وذلك لإرضاء ذاته وغروره المتواصل.
- وهل تعلمتِ من التجربة يا جاسمين؟
- ابتسمتُ ابتسامةً باهتةً يضمدها التعافي..ما دمتُ أحكي لكِ الآن، فاعلمي أني أكملتُ مراحل الشفاء، وتجاوزت نفقه المظلم.. تعلمتُ الخلاصَ من العلاقات السامة؛ تلك التي كانت تنتشي بالتقليلِ مني أو إحداثِ ثقوبٍ من السلبية والخيبات في سفينة إبحاري نحو التفوق والنجاح، أو حين تستميتُ كي ترفعَ أعلامَ الفشلِ الكئيبةِ على ساريةِ صروحِ نجاحاتي في الحياة.
- كعادتها الهزلية، يا واش يا واش، حكيم روحاني حضرتك!
- لا أنكر أنها تنجحُ في كلِ مرةٍ في إخراجي من أحلك أوقات حزني بطريقة هزلية لا يجاريها فيها أحد.
- قالت: دعيني أتفقُ معكِ يا جاسمين..لا أخفيكِ أني تعلمتُ منكِ الكثيرَ؛ تعلمتُ ألا بطولة في مواجهةِ الكائناتِ السامةِ، بل الحكمة في الابتعاد، فمجاملة الأفاعي جريمة.
- نظرتُ إليها نظرةً حانية في محاولة لإنهاء هذه الحديث الذي يُقلّبُ عليّ أوجاعًا، والتي أتحاشى ذكرها، فأجبتها . ❝
❞ - قاطعتها..وطبعًا جُنّ جنون النعمان.
- نعم، وقال مقولته التي سطرت نهاية الشاعرين لاحقًا: لقد وصف جسدها وصفَ مَن عاين لا وصف مَن تخيل..هل ما زلتَ تبررُ لها أم أكمل لك تلك الملهاة؟
- لا...شعرت بغثيانٍ وبرودةٍ في جسدي ورنينٍ في أذني ورغبةٍ مُلّحَةٍ في مغادرة الحيرة.
- نظرت لي نظرةً حانيةً..هل ما زلت تدافع عنها؟
- أجبتها بصرامةٍ، وقد ارتفعت نبرة صوتي، الخيانة خيانة، ولا مبرر لها.
- ابتسمت ويدها تغادر مواضع يدي، مدينة الحيرة كالدنيا، ملعونة، ملعونٌ كلُ ما فيها، على رغم جمالها وسحرها، فقد بُنيت على لبنات الخيانة وأحجار الغدر بداية من غدر النعمان بسِنِمَّار المعماريّ البيزنطيّ الذي شيد له قصر الخورنق الذي أراده النعمان أجمل قصرٍ في الإمبراطورية الساسانية، ثم بدعته التي ابتدعها بعدما غدر بنديمَيه، وجعل في العام يومين؛ يوم نعيم ويوم بؤس..مَن دخل الحيرة في يوم نعيمه فاضت عليه الدنيا بخيرها، ومَن دخلها في يوم بؤسه فقدَ حياته، ولطّخ النعمانُ بدمه قبرَ النديمين المغدور بهما . ❝
❞ علاقاتٌ خَطِرة
وصلتُ لعملي في اليوم التالي، وكما توقعت وجدت سارة كعادتها في الإصرار وعدم النسيان خاصة ما يتعلق بي وكأن أمي أوصتها عليّ أو كأنها أم لي من بعد أمّ.
- ماذا وراءك يا عصام؟ بطريقتها الساخرة التي لا تخلو من الاستفزاز.
- علاقة وانتهت يا سارة.
- نظرت لي ملياً..أليس أنطوني ابن خالتك الذي تعاهدت أمك وخالتك أن يكون زوجك وأن مَن يجمعهم الله لا يفرقهم البشر؟ أليس هو الأنسب لكِ دينيًا وطائفيًا؟ أليس هو الذي يعاملك بكل لطافةٍ واهتمامٍ يحسدك عليه كلُ مَن كان يراكما معا ً؟
- تنهدتُ، وقد سرحت بخاطري في تلك العلاقة الخطرة التي أرهقتني وشوهت الكثير من غرفاتِ قلبي، وجعلتها مبعثرةً، لا تقوى على الإقبال على الحياة، فضلًا عن أن أعيشها بأريحية وسلام نفسي.. لا يغرنك يا سارة ما كان يظهره من لطفٍ ومبالغةٍ في المعاملة الراقية، كنتُ في كل مرةٍ يتجاوزُ فيها في حقي، ويتعمد تهميشي والتقليل مني، كنت ألتمسُ له الأعذارَ..كم كنتُ بلهاء عندما يعود معتذرًا، ويجلسُ عند قدمي يبكي كالأطفال، ويعترف بذنبه وتجاوزه الذي لا يليقُ.. لكِ أن تتصوري كم كنت ساذجة . ❝